Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 10-10)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية { فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } قال شك ، فزادهم الله مرضاً ، قال شكاً . وقال ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قلوبهم مرض ، قال شك . وكذلك قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة . وعن عكرمة وطاوس في قلوبهم مرض ، يعني الرياء . وقال الضحاك عن ابن عباس في قلوبهم مرض ، قال نفاق ، فزادهم الله مرضاً ، قال نفاقاً وهذا كالأول . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قلوبهم مرض ، قال هذا مرض في الدين ، وليس مرضاً في الأجساد ، وهم المنافقون ، والمرض الشك الذي دخلهم في الإسلام ، فزادهم الله مرضاً ، قال زادهم رجساً ، وقرأ { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } التوبة 124 - 125 . قال شراً إلى شرهم ، وضلالة إلى ضلالتهم ، وهذا الذي قاله عبد الرحمن رحمه الله حسن ، وهو الجزاء من جنس العمل ، وكذلك قاله الأولون ، وهو نظير قوله تعالى أيضاً { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَـٰهُمْ تَقُوَاهُمْ } محمد 17 وقوله { بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } وقرىء يكذّبون ، وقد كانوا متصفين بهذا وهذا ، فإنهم كانوا كذبة ، ويكذبون بالغيب ، يجمعون بين هذا وهذا ، وقد سئل القرطبي وغيره من المفسرين عن حكمة كفه عليه الصلاة والسلام عن قتل المنافقين ، مع علمه بأعيان بعضهم ، وذكروا أجوبة عن ذلك ، منها ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه " أكره أن يتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه " ومعنى هذا خشية أن يقع بسبب ذلك تغير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام ، ولا يعلمون حكمة قتله لهم ، وأن قتله إياهم إنما هو على الكفر ، فإنهم إنما يأخذونه بمجرد ما يظهر لهم ، فيقولون إن محمداً يقتل أصحابه ، قال القرطبي وهذا قول علمائنا وغيرهم كما كان يعطي المؤلفة مع علمه بسوء اعتقادهم ، قال ابن عطية وهي طريقة أصحاب مالك ، نص عليه محمد بن الجهم والقاضي إسماعيل والأبهري وعن ابن الماجشون . ومنها ما قال مالك إنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه . قال القرطبي وقد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه ، وإن اختلفوا في سائر الأحكام ، قال ومنها ما قال الشافعي إنما مَنعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم لأن ما يظهرونه يجب ما قبله . ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المجمع على صحته في الصحيحين وغيرهما " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل " ومعنى هذا أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهراً ، فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الدار الآخرة ، وإن لم يعتقدها لم ينفعه جريان الحكم عليه في الدنيا ، وكونه كان خليط أهل الإيمان { يُنَـٰدُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِىُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } الحديد 14 الآية ، فهم يخالطونهم في بعض المحشر ، فإذا حقت المحقوقية ، تميزوا منهم ، وتخلفوا بعدهم { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } سبأ 54 ولم يمكنهم أن يسجدوا معهم كما نطقت بذلك الأحاديث ، ومنها ما قاله بعضهم أنه إنما لم يقتلهم لأنه لا يخاف من شرهم مع وجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم يتلو عليهم آيات مبينات ، فأما بعده فيقتلون إذا أظهروا النفاق وعلمه المسلمون ، قال مالك المنافق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزنديق اليوم قلت وقد اختلف العلماء في قتل الزنديق إذا أظهر الكفر هل يستتاب أم لا ، أو يفرق بين أن يكون داعية أم لا ، أو يتكرر منه ارتداده أم لا ، أو يكون إسلامه ورجوعه من تلقاء نفسه أو بعد أن ظهر عليه ؟ على أقوال متعددة ، موضع بسطها وتقريرها وعزوها كتاب الأحكام . تنبيه قول من قال كان عليه الصلاة والسلام يعلم أعيان بعض المنافقين ، إنما مستنده حديث حذيفة ابن اليمان في تسمية أولئك الأربعة عشر منافقاً في غزوة تبوك ، الذين هموا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلماء الليل عند عقبة هناك ، عزموا على أن ينفروا به الناقة ليسقط عنها ، فأوحى الله إليه أمرهم ، فأطلع على ذلك حذيفة ، ولعل الكف عن قتلهم كان لمدرك من هذه المدارك ، أو لغيرها ، والله أعلم . فأما غير هؤلاء ، فقد قال الله تعالى { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَـٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنَّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } التوبة 101 الآية ، وقال تعالى { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } الأحزاب 60 - 61 ففيها دليل على أنه لم يغر بهم ، ولم يدرك على أعيانهم ، وإنما كان تذكر له صفاتهم ، فيتوسمها في بعضهم كما قال تعالى { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَـٰكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَـٰهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } محمد 30 وقد كان من أشهرهم بالنفاق عبد الله بن أبي بن سلول ، وقد شهد عليه زيد بن أرقم بذلك الكلام الذي سبق في صفات المنافقين ، ومع هذا لما مات صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد دفنه كما يفعل ببقية المسلمين ، وقد عاتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه ، فقال " إني أكره أن تتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه " وفي رواية في الصحيح " إني خيرت فاخترت " وفي رواية " لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت " .