Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 133-134)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى محتجاً على المشركين من العرب أبناء إسماعيل ، وعلى الكفار من بني إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام بأن يعقوب لما حضرته الوفاة ، وصى بنيه بعبادة الله وحده لا شريك له ، فقال لهم { مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَآئِكَ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ } وهذا من باب التغليب ، لأن إسماعيل عمه ، قال النحاس والعرب تسمي العم أباً ، نقله القرطبي ، وقد استدل بهذه الآية الكريمة من جعل الجد أباً ، وحجب به الإخوة ، كما هو قول الصديق ، حكاه البخاري عنه من طريق ابن عباس وابن الزبير ، ثم قال البخاري ولم يختلف عليه ، وإليه ذهبت عائشة أم المؤمنين ، وبه يقول الحسن البصري وطاوس وعطاء ، وهو مذهب أبي حنيفة وغير واحد من السلف والخلف ، وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه إنه يقاسم الإخوة ، وحكي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وجماعة من السلف والخلف ، واختاره صاحبا أبي حنيفة القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن ، ولتقريرها موضع آخر ، وقوله { إِلَـٰهًا وَاحِدًا } أي نوحده بالألوهية ، ولا نشرك به شيئاً غيره ، { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } أي مطيعون خاضعون ، كما قال تعالى { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } آل عمران 83 والإسلام هو ملة الأنبياء قاطبة وإن تنوعت شرائعهم واختلفت مناهجهم ، كما قال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 ، والآيات في هذا كثيرة والأحاديث ، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم " نحن معشر الأنبياء أولاد علات ، ديننا واحد " وقوله تعالى { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } أي مضت ، { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم } أي إن السلف الماضين من آبائكم من الأنبياء والصالحين لا ينفعكم انتسابكم إذا لم تفعلوا خيراً يعود نفعه عليكم ، فإن لهم أعمالهم التي عملوها ، ولكم أعمالكم { وَلاَ تُسْـأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } وقال أبو العالية والربيع وقتادة { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، ولهذا جاء في الأثر « من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه » .