Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 211-212)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن بني إسرائيل كم شاهدوا مع موسى من آية بينة ، أي حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به ، كيده ، وعصاه ، وفلقه البحر ، وضرب الحجر ، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر ، ومن إنزال المن والسلوى ، وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار ، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه ، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها ، وبدلوا نعمة الله كفراً ، أي استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها والإعراض عنها { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } كما قال تعالى إخباراً عن كفار قريش { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } إبراهيم 28 29 ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رضوا بها ، واطمأنوا إليها ، وجمعوا الأموال ، ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها مما يرضي الله عنهم ، وسخروا من الذين آمنوا ، الذين أعرضوا عنها ، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم ، وبذلوه ابتغاء وجه الله ، فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم ، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم ومسيرهم ومأواهم ، فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين ، وخلد أولئك في الدركات في أسفل سافلين ، ولهذا قال تعالى { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي يزرق من يشاء من خلقه ، ويعطيه عطاء كثيراً جزيلاً ، بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة ، كما جاء في الحديث " ابن آدم أنفق أنفق عليك " وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أنفق بلالاً ، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً " وقال تعالى { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } سبأ 39 وفي الصحيح " أن ملكين ينزلان من السماء صبيحة كل يوم ، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً " وفي الصحيح " يقول ابن آدم مالي ، مالي . وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، وما لبست فأبليت ، وما تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له " .