Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 221-221)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين ، أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان ، ثم إن كان عمومها مراداً ، وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية ، فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } المائدة 5 قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ، وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم . وقيل بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ، ولم يرد أهل الكتاب بالكلية ، والمعنى قريب من الأول ، والله أعلم . فأما ما رواه ابن جرير حدثني عبيد ابن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا أبي ، حدثني عبد الحميد بن بهرام الفزاري ، حدثنا شهر بن حوشب ، قال سمعت عبد الله بن عباس يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام . قال الله عز وجل { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَـٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } المائدة 5 وقد نكح طلحة بن عبد الله يهودية ، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب غضباً شديداً حتى هم أن يسطو عليهما فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب ، فقال لئن حل طلاقهن ، لقد حل نكاحهن ، ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة ، فهو حديث غريب جداً ، وهذا الأثر غريب عن عمر أيضاً ، قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات ، أو لغير ذلك من المعاني . كما حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق ، قال تزوج حذيفة يهودية ، فكتب إليه عمر خلّ سبيلها ، فكتب إليه أتزعم أنها حرام ، فأخلي سبيلها ؟ فقال لا أزعم أنها حرام ، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن ، وهذا إسناد صحيح ، وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل ، عن وكيع ، عن الصلت ، نحوه ، وقال ابن جرير حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن وهب ، قال قال عمر بن الخطاب المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة ، قال وهذا أصح إسناداً من الأول ، ثم قال وقد حدثنا تميم ابن المنتصر ، أخبرنا إسحاق الأزرق عن شريك ، عن أشعث بن سوار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نتزوج نساء أهل الكتاب ، ولا يتزوجون نساءنا " ثم قال وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه ، فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه ، كذا قال ابن جرير رحمه الله . وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ، أنه كره نكاح أهل الكتاب ، وتأول { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } . وقال البخاري وقال ابن عمر لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول ربها عيسى ، وقال أبو بكر الخلال الحنبلي حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم وأخبرني محمد بن علي ، حدثنا صالح بن أحمد ، أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } قال مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام . وقوله { وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } قال السدي نزلت في عبد الله بن رواحة ، كانت له أمة سوداء ، فغضب عليها ، فلطمها ، ثم فزع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها ، فقال له " ما هي ؟ " قال تصوم وتصلي ، وتحسن الوضوء ، وتشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقال " يا أبا عبد الله هذه مؤمنة " فقال والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ، ففعل ، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا نكح أمته ، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين ، وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله { وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } وقال عبد بن حميد حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تنكحوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تنكحوهن على أموالهن ، فعسى أموالهن أن تطغيهن ، وانكحوهن على الدين ، فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل " والإفريقي ضعيف ، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين ، تربت يداك " ولمسلم عن جابر مثله ، وله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " وقوله { وَلاَ تُنكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ } أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات ، كما قال تعالى { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ } الممتحنة 10 ثم قال تعالى { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } أي ولرجل مؤمن - ولو كان عبداً حبشياً - خير من مشرك ، وإن كان رئيساً سرياً { أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } أي معاشرتهم ومخالطتهم ، تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة ، وعاقبة ذلك وخيمة { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ } أي بشرعه ، وما أمر به ، وما نهى عنه { وَيُبَيِّنُ آيَـٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .