Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 222-223)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أنس ، أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ، ولم يجامعوها في البيوت ، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ } حتى فرغ من الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " فبلغ ذلك اليهود ، فقالوا ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً ، إلا خالفنا فيه ، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر ، فقالا يا رسول الله إن اليهود قالت كذا وكذا ، أفلا نجامعهن ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما ، فخرجا ، فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما ، فسقاهما ، فعرفا أن لم يجد عليهما ، رواه مسلم من حديث حماد بن زيد بن سلمة ، فقوله { فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ } يعني الفرج ، لقوله " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم ، إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج ، قال أبو داود أيضاً حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد عن أيوب ، عن عكرمة ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئاً يلقي على فرجها ثوباً ، وقال أبو داود أيضاً حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد الله ، يعني ابن عمر بن غانم ، عن عبد الرحمن ، يعني ابن زياد ، عن عمارة بن غراب أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة قالت إحدانا تحيض ، وليس لها ولزوجها فراش إلا فراش واحد ، قالت أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فمضى إلى مسجده ، قال أبو داود تعني مسجد بيتها ، فما انصرف حتى غلبتني عيني ، فأوجعه البرد ، فقال " ادني مني " فقلت إني حائض ، فقال " اكشفي عن فخذيك " فكشفتُ فخذي ، فوضع خده وصدره على فخذي ، وحنيت عليه حتى دفىء ونام صلى الله عليه وسلم وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة ، أن مسروقاً ركب إلى عائشة ، فقال السلام على النبي وعلى أهله ، فقالت عائشة مرحباً مرحباً ، فأذنوا له ، فدخل فقال إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي ، فقالت إنما أنا أمك وأنت ابني ، فقال ما للرجل من امرأته وهي حائض ؟ فقالت له كل شيء إلا فرجها . ورواه أيضاً عن حميد بن مسعدة ، عن يزيد بن زريع ، عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن ، عن مروان الأصفر ، عن مسروق قال قلت لعائشة ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً ؟ قالت كل شيء إلا الجماع . وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة ، وروى ابن جرير أيضاً عن أبي كريب عن ابن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن ميمون بن مهران ، عن عائشة ، قالت له ما فوق الإزار . قلت ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف ، قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض ، وكان يتكىء في حجري ، وأنا حائض ، فيقرأ القرآن . وفي الصحيح عنها ، قالت كنت أتعرق العرق وأنا حائض ، فأعطيه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه ، وأشرب الشراب ، فأناوله ، فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه . وقال أبو داود حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن جابر بن صبح ، سمعت خلاساً الهجري قال سمعت عائشة تقول كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعار الواحد ، وأنا حائض طامث ، فإن أصابه مني شيء ، غسل مكانه لم يَعْدُه ، وإن أصابه - يعني ثوبه - شيء ، غسل مكانه لم يعده ، وصلى فيه ، فأما ما رواه أبو داود حدثنا سعيد بن عبد الجبار ، حدثنا عبد العزيز ، يعني ابن محمد ، عن أبي اليمان ، عن أم ذرة ، عن عائشة أنها قالت كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير ، فلم تقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تدن منه حتى تطهر ، فهو محمول على التنزه والاحتياط . وقال آخرون إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار ، كما ثبت في الصحيحين عن ميمونة بنت الحارث الهلالية قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض ، وهذا لفظ البخاري ، ولهما عن عائشة نحوه ، وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث العلاء ، عن حزام بن حكيم ، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال " ما فوق الإزار " ولأبي داود أيضاً عن معاذ بن جبل ، قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال " ما فوق الإزار ، والتعفف عن ذلك أفضل " وهو رواية عن عائشة كما تقدم وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح . فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها ، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي رحمه الله ، الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم ، ومأخذهم أنه حريم الفرج ، فهو حرام لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم الله عز وجل الذي أجمع العلماء على تحريمه ، وهو المباشرة في الفرج . ثم من فعل ذلك فقد أثم ، فيستغفر الله ويتوب إليه . وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا ؟ فيه قولان أحدهما نعم لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض ، يتصدق بدينار أو نصف دينار ، وفي لفظ للترمذي " إذا كان دماً أحمر فدينار ، وإن كان دماً أصفر فنصف دينار " وللإمام أحمد أيضاً عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل في الحائض تصاب ديناراً ، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل ، فنصف دينار . والقول الثاني وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور أنه لا شيء في ذلك ، بل يستغفر الله عز وجل لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث ، فإنه قد روي مرفوعاً كما تقدم ، وموقوفاً ، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث ، فقوله تعالى { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ } تفسير قوله { فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ } ونهى عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجوداً ، ومفهومه حله إذا انقطع . قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فيما أملاه في الطاعة وقوله { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ } الآية ، الطهر يدل على أن يقربها فلما قالت ميمونة وعائشة كانت إحدانا إذا حاضت اتزرت ودخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعاره ، دل ذلك على أنه إنما أراد الجماع . وقوله { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال . وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } وليس له في ذلك مستند لأن هذا أمر بعد الحظر ، وفيه أقوال لعلماء الأصول ، منهم من يقول إنه على الوجوب كالمطلق وهؤلاء يحتاجون إلى جواب ابن حزم ، ومنهم من يقول إنه للإباحة ، ويجعلون تقدم النهي عليه قرينة صارفة له من الوجوب ، وفيه نظر ، والذي ينهض عليه الدليل أنه يرد عليه الحكم إلى ما كان عليه الأمر قبل النهي ، فإن كان واجباً ، فواجب كقوله { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } التوبة 5 أو مباحاً فمباح كقوله { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَـٰدُواْ } المائدة 2 { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } الجمعة 10 وعلى هذا القول تجتمع الأدلة ، وقد حكاه الغزالي وغيره ، فاختاره بعض أئمة المتأخرين ، وهو الصحيح . وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء ، أو تتيمم إن تعذر ذلك عليها بشرطه ، إلا أن أبا حنيفة رحمه الله يقول ، فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض ، وهو عشرة أيام عنده إنها تحل بمجرد الانقطاع ، ولا تفتقر إلى غسل ، والله أعلم ، وقال ابن عباس { حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ } أي من الدم { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } أي بالماء ، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن ومقاتل بن حيان والليث بن سعد وغيرهم . وقوله { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني الفرج . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } يقول في الفرج ، ولا تعدوه إلى غيره ، فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى . وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } أن تعتزلوهن ، وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر ، كما سيأتي تقريره قريباً إن شاء الله تعالى . وقال أبو رزين وعكرمة والضحاك وغير واحد { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } يعني طاهرات غير حيّض ، ولهذا قال { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَٰبِينَ } أي من الذنب ، وإن تكرر غشيانه { وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } أي المتنزهين عن الأقذار والأذى ، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض ، أو في غير المأتي . وقوله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } قال ابن عباس الحرث موضع الولد { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد ، كما ثبت بذلك الأحاديث ، قال البخاري حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان عن ابن المنكدر ، قال سمعت جابراً قال كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } ورواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان الثوري به . وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن سعيد الثوري أن محمد بن المنكدر حدثهم أن جابر بن عبد الله أخبره أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة ، جاء الولد أحول ، فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } قال ابن جريج في الحديث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج " وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال يا رسول الله نساؤنا ، ما نأتي منها وما نذر ؟ قال " حرثك ، ائت حرثك أنى شئت ، غير أن لا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت " الحديث ، رواه أحمد وأهل السنن . حديث آخر قال ابن أبي حاتم حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عامر بن يحيى ، عن حنش بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس ، قال أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشياء ، فقال له رجل إني أجب النساء فكيف ترى في ؟ فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } ورواه الإمام أحمد حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين ، حدثني الحسن بن ثوبان عن عامر بن يحيى المغافري عن حنش ، عن ابن عباس ، قال أنزلت هذه الآية { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } في أناس من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ائتها على كل حال إذا كان في الفرج " . حديث آخر قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه مشكل الحديث حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا يعقوب بن كاسب ، حدثنا عبد الله بن نافع عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً أصاب امرأة في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } الآية ، ورواه ابن جرير عن يونس ، عن يعقوب ، ورواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن الحارث بن شريح ، عن عبد الله بن نافع به . حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الله بن سابط ، قال دخلت على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقلت إني لسائلك عن أمر ، وأنا أستحي أن أسألك ، قالت فلا تستحي يا بن أخي ، قال عن إتيان النساء في أدبارهن ؟ قالت حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يجبون النساء ، وكانت اليهود تقول إنه من أجبى امرأته ، كان ولده أحول ، فلما قدم المهاجرون المدينة ، نكحوا في نساء الأنصار ، فجبوهن ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها ، وقالت لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على أم سلمة ، فذكرت لها ذلك ، فقالت اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استحت الأنصارية أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت ، فسألته أم سلمة ، فقال " ادعي الأنصارية " فدعتها ، فتلا عليها هذه الآية { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } " صماماً واحداً " ورواه الترمذي عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي خثيم به ، وقال حسن . قلت وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة عن أبيه ، عن ابن خثيم ، عن يوسف بن ماهك ، عن حفصة أم المؤمنين أن امرأة أتتها ، فقالت إن زوجي يأتيني مجبية ومستقبلة ، فكرهته ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لا بأس إذا كان في صمام واحد " . حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا حسن ، حدثنا يعقوب ، يعني القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت ، قال ما الذي أهلكك ؟ قال حولت رحلي البارحة ، قال فلم يرد عليه شيئاً . قال فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } " أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة " ورواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن حسن بن موسى الأشيب ، به ، وقال حسن غريب . وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا الحارث بن شريح ، حدثنا عبد الله بن نافع ، حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، قال أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أثفر فلان امرأته ، فأنزل الله عز وجل { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } . قال أبو داود حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ ، قال حدثني محمد ، يعني ابن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد عن ابن عباس ، قال إن ابن عمر قال - والله يغفر له - أوهم ، وإنما كان الحي من الأنصار ، وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود ، وهم أهل كتاب ، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون كثيراً من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة ، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرته عليه ، وقالت إنما كنا نؤتى على حرف ، فاصنع ذلك ، وإلا فاجتنبني ، فسرى أمرهما ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، يعني بذلك موضع الولد ، تفرد به أبو داود ، ويشهد له بالصحة ما تقدم له من الأحاديث ، ولا سيما رواية أم سلمة ، فإنها مشابهة لهذا السياق ، وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، قال عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه ، وأسأله عنها ، حتى انتهيت إلى هذه الآية { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } فقال ابن عباس إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن ، فذكر القصة بتمام سياقها ، وقول ابن عباس إن ابن عمر - والله يغفر له - أوهم ، كأنه يشير إلى ما رواه البخاري حدثنا إسحاق حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا ابن عون عن نافع ، قال ، كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوماً ، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال أتدري فيم أنزلت ؟ قلت لا . قال أنزلت في كذا وكذا ، ثم مضى . وعن عبد الصمد قال حدثني أبي ، حدثنا أيوب عن نافع ، عن ابن عمر { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } قال أن يأتيها في … هكذا رواه البخاري ، وقد تفرد به من هذا الوجه . وقال ابن جرير ، حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية حدثنا ابن عون عن نافع ، قال قرأت ذات يوم { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } فقال ابن عمر أتدري فيم نزلت ؟ قلت لا . قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن . وحدثني أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } قال في الدبر . وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ، ولا يصح . وروى النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ، أن رجلاً أتى امرأته في دبرها ، فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً ، فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } . قال أبو حاتم الرازي لو كان هذا عند زيد بن أسلم عن ابن عمر ، لما أولع الناس بنافع ، وهذا تعليل منه لهذا الحديث . وقد رواه عبد الله بن نافع عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عمر ، فذكره ، وهذا الحديث محمول على ما تقدم ، وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النفيلي عن سعيد بن عيسى ، عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي النضر ، أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر إنه قد أكثر عليك القول ، أنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن ، قال كذبوا عليّ ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر ، إن ابن عمر عرض المصحف يوماً وأنا عنده حتى بلغ { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت لا . قال ، إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ، فلما دخلنا المدينة ، ونكحنا نساء الأنصار ، أردنا منهن مثل ما كنا نريد ، فإذا هن قد كرهن ذلك ، وأعظمنه ، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن ، فأنزل الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني ، عن الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري ، عن مفضل بن فضالة ، عن عبد الله بن عياش ، عن كعب بن علقمة ، فذكره ، وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحاً ، وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي ، وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم ، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر ، وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه الله . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه ، فقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استحيوا إن الله لا يستحي من الحق ، لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن " وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان عن عبد الله بن شداد ، عن خزيمة بن ثابت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها . طريق أخرى قال أحمد حدثنا يعقوب ، سمعت أبي يحدث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، أن عبيد الله بن الحصين الوالبي حدثه أن عبد الله الواقفي ، حدثه أن خزيمة بن ثابت الخطمي ، حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " استحيوا إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أعجازهن " ورواه النسائي وابن ماجه من طريق عن خزيمة بن ثابت ، وفي إسناده اختلاف كثير . حديث آخر قال أبو عيسى الترمذي والنسائي حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان عن كريب ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في الدبر " ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب ، وهكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وصححه ابن حزم أيضاً ، ولكن رواه النسائي أيضاً عن هناد ، عن وكيع ، عن الضحاك به موقوفاً . وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه ، أن رجلاً سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال تسألني عن الكفر ؟ إسناده صحيح ، وكذا رواه النسائي من طريق ابن المبارك عن معمر به نحوه ، وقال عبد أيضاً في تفسيره حدثنا إبراهيم بن الحاكم عن أبيه عن عكرمة ، قال جاء رجل إلى ابن عباس وقال كنت آتي أهلي في دبرها ، وسمعت قول الله { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } فظننت أن ذلك لي حلال ، فقال يا لكع إنما قوله { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } قائمة وقاعدة ، ومقبلة ومدبرة ، في أقبالهن ، لا تعدوا ذلك إلى غيره . حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد ، حدثنا هَمَّام حدثنا قتادة عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى " وقال عبد الله بن أحمد حدثني هدبة ، حدثنا همام ، قال سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها ، فقال قتادة أخبرنا عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " هي اللوطية الصغرى " قال قتادة وحدثني عقبة بن سعيد القطان عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله ، وهذا أصح ، والله أعلم . وكذلك رواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون ، عن حميد الأعرج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو موقوفاً من قوله . طريق أخرى قال جعفر الفريابي حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ويقول ادخلوا النار مع الداخلين الفاعل ، والمفعول به ، والناكح يده ، وناكح البهيمة ، وناكح المرأة في دبرها ، وجامع بين المرأة وابنتها ، والزاني بحليلة جاره ، ومؤذي جاره حتى يلعنه " ابن لهيعة وشيخه ضعيفان . حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان عن عاصم ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن ، فإن الله لا يستحي من الحق ، وأخرجه أحمد أيضاً عن أبي معاوية وأبي عيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضاً ، عن عاصم الأحول به ، وفيه زيادة ، وقال هو حديث حسن ، ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل ، والصحيح أنه علي بن طلق . حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه " وقال أحمد أيضاً حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا سهيل عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة يرفعه ، قال " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها " ، وكذا رواه ابن ماجه من طريق سهيل . وقال أحمد أيضاً حدثنا وكيع عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأته في دبرها " ، وهكذا رواه أبو داود والنسائي من طريق وكيع به . طريق أخرى قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا هناد ومحمد بن إسماعيل ، واللفظ له ، قالا حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها " ليس هذا الحديث هكذا في سنن النسائي ، وإنما الذي فيه عن سهيل عن الحارث بن مخلد كما تقدم ، قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند وهم منه ، وقد ضعفوه . طريق أخرى رواها مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ملعون من أتى النساء في أدبارهن " ومسلم بن خالد فيه كلام ، والله أعلم . طريق أخرى رواها الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد ابن سلمة عن حكيم الأثرم ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها ، أو كاهناً فصدقه ، فقد كفر بما أنزل على محمد " وقال الترمذي ضعف البخاري هذا الحديث ، والذي قاله البخاري في حديث الترمذي عن أبي تميمة لا يتابع على حديثه . طريق أخرى - قال النسائي حدثنا عثمان بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه عن عبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، عن أبي سلمة رضي الله عنه ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " استحيوا من الله حق الحياء ، لا تأتوا النساء في أدبارهن " تفرد به النسائي من هذا الوجه . قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ هذا حديث منكر باطل من حديث الزهري ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد ، فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد ، فإنما سمعه بعد الاختلاف ، وقد رواه الترمذي عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك ، فأما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا . انتهى كلامه ، وقد أجاد وأحسن الانتقاد ، إلا أن عبد الملك بن محمد الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ، ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة عن الكناني ، وهو ثقة ، ولكن تكلم فيه دحيم وأبو حاتم وابن حبان ، وقال لا يجوز الاحتجاج به ، والله أعلم . وقد تابعه زيد بن يحيى بن عبيد عن سعيد ابن عبد العزيز . وروي من طريقين آخرين عن أبي سلمة ، ولا يصح منها كل شيء . طريق أخرى - قال النسائي حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة ، قال إتيان الرجال النساء في أدبارهن كفر ، ثم رواه عن بندار عن عبد الرحمن به ، قال من أتى امرأة في دبرها وتلك كفر ، هكذا رواه النسائي من طريق الثوري عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفاً ، وكذا رواه من طريق علي ابن بَذِيمة عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفاً ، ورواه بكر بن خنيس عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أتى شيئاً من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر " والموقوف أصح ، وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة ، وتركه آخرون . حديث آخر - قال محمد بن أبان البلخي حدثنا وكيع ، حدثني زمعة بن صالح عن ابن طاوس ، عن أبيه ، وعن عمرو ابن دينار ، عن عبيد الله بن يزيد بن الهاد ، قالا قال عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن " وقد رواه النسائي حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني عن عثمان بن اليمان عن زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس عن أبيه ، عن ابن الهاد ، عن عمر ، قال لا تأتوا النساء في أدبارهن . وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم عن زمعة بن صالح ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن عبد الله ابن الهاد الليثي ، قال قال عمر رضي الله عنه استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ، والموقوف أصح . حديث آخر - قال الإمام أحمد حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ ، قالا حدثنا شعبة عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أستاههن " وكذا رواه غير واحد عن شعبة ، ورواه عبد الرزاق عن معمر ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن علي ، والأشبه أنه علي بن طلق كما تقدم ، والله أعلم . حديث آخر - قال أبو بكر الأثرم في سننه حدثنا أبو مسلم الجَذْمي ، حدثنا أخو أنيس بن إبراهيم ، أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره عن أبيه أبي القعقاع ، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " محاش النساء حرام " وقد رواه إسماعيل بن علية وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم عن أبي عبد الله الشقري ، واسمه سلمة بن تمام ، ثقة ، عن أبي القعقاع عن ابن مسعود موقوفاً وهو أصح . طريق أخرى - قال ابن عدي حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا محمد بن حمزة ، عن زيد بن رفيع ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تأتوا النساء في أعجازهن " محمد بن حمزة هو الجزري وشيخه فيهما مقال . وقد روي من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب وعقبة بن عامر وأبي ذر وغيرهم ، وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث ، والله أعلم . وقال الثوري ، عن الصلت بن بهرام ، عن أبي المعتمر ، عن أبي جويرية ، قال سأل رجل علياً عن إتيان المرأة في دبرها ، فقال سفلت ، سفل الله بك ، ألم تسمع قول الله عز وجل { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } الأعراف 80 . وقد تقدم قول ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عمرو في تحريم ذلك ، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه يحرمه . قال أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الدارمي في مسنده حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث عن الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار أبي الحباب ، قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري ، أيحمض لهن ؟ قال وما التحميض ؟ فذكر الدبر ، فقال وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ وكذا رواه ابن وهب وقتيبة عن الليث به وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك . فكل ما ورد عنه مما يحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم . قال ابن جرير حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زيد أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغَمْر ، حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس ، أنه قيل له يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال كذب العبد أو العلج على أبي عبد الله ، قال مالك أشهد علىٰ يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له فإن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال له يا أبا عبد الرحمن إنا نشتري الجواري ، أفنحمض لهن ؟ فقال وما التحميض ؟ فذكر له الدبر ، فقال ابن عمر أف أف وهل يفعل ذلك مؤمن ؟ أو قال مسلم ؟ فقال مالك أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع . وروى النسائي عن الربيع بن سليمان ، عن أصبغ بن الفرج الفقيه ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ، قال قلت لمالك إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال قلت لابن عمر إنا نشتري الجواري ، أفنحمض لهن ؟ قال وما التحميض ؟ قلت نأتيهن في أدبارهن ، فقال أف أف ، أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال لي مالك فأشهد على ربيعة لحدّثني عن سعيد بن يسار ، أنه سأل ابن عمر ، فقال لا بأس به . وروى النسائي أيضاً من طريق يزيد بن رومان ، عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عمر كان لا يرى بأساً أن يأتي الرجل المرأة في دبرها . وروى معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام . وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثني إسماعيل ابن حسين ، حدثني إسرائيل بن روح ، سألت مالك بن أنس ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن ؟ قال ما أنتم إلا قوم عرب ، هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ، لا تعدوا الفرج ، قلت يا أبا عبد الله إنهم يقولون إنك تقول ذلك . قال يكذبون علي ، يكذبون علي . فهذا هو الثابت عنه ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة ، وهو قول سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعكرمة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف ، أنهم أنكروا ذلك أشد الأنكار ، ومنهم من يطلق على فعله الكفر ، وهو مذهب جمهور العلماء ، وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة حتى حكوه عن الإمام مالك ، وفي صحته نظر ، قال الطحاوي روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك أنه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } ثم قال فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية الطحاوي ، وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك ، ولكن في الأسانيد ضعف شديد ، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك ، والله أعلم . وقال الطحاوي حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنه سمع الشافعي يقول ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء ، والقياس أنه حلال . وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب عن أبي سعيد الصيرفي عن أبي العباس الأصم سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول ، فذكره ، قال أبو نصر الصباغ كان الربيع يحلف بالله لا إله إلا هو ، لقد كذب - يعني ابن عبد الحكم - على الشافعي في ذلك ، لأن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه ، والله أعلم . وقوله { وَقَدِّمُواْ لأَِنفُسِكُمْ } أي من فعل الطاعات ، مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات ، ولهذا قال { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُم مُّلَـٰقُوهُ } أي فيحاسبكم على أعمالكم جميعها { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي المطيعين الله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم . وقال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني محمد بن عبد الله بن واقد ، عن عطاء ، قال أراه عن ابن عباس { وَقَدِّمُواْ لأَِنفُسِكُمْ } قال تقول باسم الله ، التسمية عند الجماع ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله ، قال باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك ، لن يضره الشيطان أبداً " .