Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 231-231)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا أمر من الله عز وجل للرجال ، إذا طلق أحدهم المرأة طلاقاً له عليها فيه رجعة ، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها ، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها ، فإما أن يمسكها ، أي يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف ، وهو أن يشهد على رجعتها ، وينوي عشرتها بالمعروف ، أو يسرحها ، أي يتركها حتى تنقضي عدتها ، ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن ، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح ، قال الله تعالى { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ } ، قال ابن عباس ، ومجاهد ومسروق والحسن وقتادة والضحاك والربيع ومقاتل بن حيان وغير واحد كان الرجل يطلق المرأة ، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضراراً لئلا تذهب إلى غيره ، ثم يطلقها فتعتد ، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة ، فنهاهم الله عن ذلك ، وتوعدهم عليه ، فقال { وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي بمخالفته أمر الله تعالى . وقوله تعالى { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } قال ابن جرير عند هذه الآية أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إسحاق بن منصور عن عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أبي العلاء الأودي ، عن حميد بن الرحمن ، عن أبي موسى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب على الأشعريين ، فأتاه أبو موسى قال يا رسول الله أغضبت على الأشعريين ؟ فقال " يقول أحدكم قد طلقت ، قد راجعت ، ليس هذا طلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل عدتها " ثم رواه من وجه آخر عن أبي خالد الدلال ، وهو يزيد بن عبد الرحمن ، وفيه كلام . وقال مسروق هو الذي يطلق في غير كنهه ، ويضار امرأته بطلاقها وارتجاعها ، لتطول عليها العدة ، وقال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والربيع ومقاتل بن حيان هو الرجل يطلق ويقول كنت لاعباً ، أو يعتق أو ينكح ويقول كنت لاعباً ، فأنزل الله { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } فألزم الله بذلك ، وقال ابن مردويه حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا أبو أحمد الصيرفي ، حدثني جعفر بن محمد السمسار ، عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال طلق رجل امرأته ، وهو يلعب لا يريد الطلاق ، فأنزل الله { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق . وقال ابن أبي حاتم حدثنا عصام بن رواد ، حدثنا آدم ، حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن ، هو البصري ، قال كان الرجل يطلق ويقول كنت لاعباً ، ويعتق ويقول كنت لاعباً ، وينكح ويقول كنت لاعباً ، فأنزل الله { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من طلق أو أعتق أو نكح أو أنكح ، جاداً أو لاعباً ، فقد جاز عليه " وكذا رواه ابن جرير ، من طريق الزهري ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن مثله ، وهذا مرسل ، وقد رواه ابن مردويه ، عن طريق عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن أبي الدرداء موقوفاً عليه . وقال أيضاً حدثنا أحمد بن الحسن بن أيوب ، حدثنا يعقوب بن أبي يعقوب ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن سلمة عن الحسن عن عبادة بن الصامت في قول الله تعالى { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } . قال كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقول للرجل زوجتك ابنتي ، ثم يقول كنت لاعباً ، ويقول قد أعتقت ، ويقول كنت لاعباً ، فأنزل الله { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث من قالهن لاعباً أو غير لاعب ، فهن جائزات عليه الطلاق والعتاق والنكاح " والمشهور في هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة " وقال الترمذي حسن غريب . وقوله { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } ، أي في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم { وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْحِكْمَةِ } ، أي السنة { يَعِظُكُم بِهِ } أي يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، أي فيما تأتون ، وفيما تذرون ، { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } أي فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية ، وسيجازيكم على ذلك .