Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 266-266)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال البخاري عند تفسير هذه الآية حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، هو ابن يوسف ، عن ابن جريج ، سمعت عبد الله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس ، وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير ، قال قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ترون هذه الآية نزلت ؟ { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } قالوا الله أعلم . فغضب عمر ، فقال قولوا نعلم أو لا نعلم ، فقال ابن عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين فقال عمر يا بن أخي قل ولا تحقر نفسك ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما ضربت مثلاً بعمل ، قال عمر أي عمل ؟ قال ابن عباس لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم بعث الله له الشيطان ، فعمل بالمعاصي ، حتى أغرق أعماله . ثم رواه البخاري عن الحسن بن محمد الزعفراني ، عن حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج ، فذكره ، وهو من أفراد البخاري رحمه الله ، وفي هذا الحديث كفاية في تفسير هذه الآية ، وتبيين ما فيها من المثل بعمل من أحسن العمل أولاً ، ثم بعد ذلك انعكس سيره ، فبدل الحسنات بالسيئات عياذاً بالله من ذلك ، فأبطل بعمله الثاني ما أسلفه فيما تقدم من الصالح ، واحتاج إلى شيء من الأول في أضيق الأحوال ، فلم يحصل له منه شيء وخانه أحوجَ ما كان إليه ، ولهذا قال تعالى { وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ } وهو الريح الشديدة { فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ } أي أحرق ثمارها ، وأباد أشجارها ، فأي حال يكون حاله ؟ وقد روى ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس ، قال ضرب الله مثلا حسناً ، وكل أمثاله حسن ، قال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ } يقول ضيعةٌ في شيبته { وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ } وولده وذريته ضعاف عند آخر عمره ، فجاءه إعصار فيه نار ، فاحترق بستانه ، فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ، ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه ، وكذلك الكافر يكون يوم القيامة إذا ردّ إلى الله عز وجل ، ليس له خير فيستعتب ، كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه ، ولا يجده قدم لنفسه خيراً يعود عليه ، كما لم يغن عن هذا ولده ، وحرم أجره عند أفقر ما كان إليه ، كما حرم هذا جنته عندما كان أفقر ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته . وهكذا روى الحاكم في مستدركه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه " اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني وانقضاء عمري " ولهذا قال تعالى { كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَـٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } أي تعتبرون وتفهمون الأمثال والمعاني ، وتنزلونها على المراد منها . كما قال تعالى { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَـٰلِمُونَ } العنكبوت 43 .