Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 60-60)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى عليه السلام حين استسقاني لكم ، وتيسيري لكم الماء ، وإخراجه لكم من حجر معكم ، وتفجيري الماء لكم منه من اثنتي عشرة عيناً ، لكل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها ، فكلوا من المن والسلوى ، واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولاكد ، واعبدوا الذي سخر لكم ذلك { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها . وقد بسطه المفسرون في كلامهم كما قال ابن عباس رضي الله عنه ، وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع ، وأمر موسى عليه السلام ، فضربه بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، في كل ناحية منه ثلاث عيون ، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها ، لا يرتحلون من منقلة إلا وجدوا ذلك معهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول ، وهذا قطعة من الحديث الذي رواه النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم ، وهو حديث الفتون الطويل . وقال عطية العوفي وجعل لهم حجراً مثل رأس الثور يحمل على ثور ، فإذا نزلوا منزلاً وضعوه ، فضربه موسى عليه السلام بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، فإذا ساروا حملوه على ثور ، فاستمسك الماء . وقال عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه كان لبني إسرائيل حجر ، فكان يضعه هارون ، ويضربه موسى بالعصا ، وقال قتادة كان حجراً طورياً من الطور ، يحملونه معهم ، حتى إذا نزلوا ، ضربه موسى بعصاه ، وقال الزمخشري وقيل كان من الرخام ، وكان ذراعاً في ذراع ، وقيل مثل رأس الإنسان ، وقيل كان من الجنة ، طوله عشرة أذرع ، على طول موسى ، وله شعبتان تتقدان في الظلمة ، وكان يحمل على حمار ، قال وقيل أهبطه آدم من الجنة ، فتوارثوه حتى وقع إلى شعيب ، فدفعه إليه مع العصا . وقيل هو الحجر الذي وضع عليه ثوبه حين اغتسل ، فقال له جبريل ارفع هذا الحجر فإن فيه قدرة ، ولك فيه معجزة ، فحمله في مخلاته . قال الزمخشري ويحتمل أن تكون اللام للجنس لا للعهد ، أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر ، وعن الحسن لم يأمره أن يضرب حجراً بعينه ، قال وهذا أظهر في المعجزة ، وأبين في القدرة ، فكان يضرب الحجر بعصاه فينفجر ، ثم يضربه فييبس ، فقالوا إن فقد موسى هذا الحجر عطشنا ، فأوحى الله إليه أن يكلم الحجارة فتنفجر ، ولا يمسها بالعصا ، لعلهم يقرون ، والله أعلم ، وقال يحيى بن النضر قلت لجويبر كيف علم كل أناس مشربهم ؟ قال كان موسى يضع الحجر ، ويقوم من كل سبط رجل ، ويضرب موسى الحجر ، فينفجر منه اثنتا عشرة عيناً ، فينضح من كل عين على رجل ، فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين ، وقال الضحاك قال ابن عباس لما كان بنو إسرائيل في التيه ، شق لهم من الحجر أنهاراً ، وقال الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ذلك في التيه ، ضرب لهم موسى الحجر ، فصار منه اثنتا عشرة عيناً من ماء ، لكل سبط منهم عين يشربون منها ، وقال مجاهد نحو قول ابن عباس ، وهذه القصة شبيهة بالقصة التي في سورة الأعراف ، ولكن تلك مكية ، فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب لأن الله تعالى يقص على رسوله صلى الله عليه وسلم ما فعل بهم . وأما في هذه السورة - وهي البقرة - فهي مدنية ، فلهذا كان الخطاب فيها متوجهاً إليهم . وأخبر هناك بقوله { فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا } الأعراف 160 وهو أول الانفجار ، وأخبر ههنا بماآل إليه الحال آخراً ، وهو الانفجار ، فناسب ذكر الانفجار ههنا ، وذاك هناك ، والله أعلم ، وبين السياقين تباين من عشرة أوجه لفظية ومعنوية ، قد سأل عنها الزمخشري في تفسيره ، وأجاب عنها بما عنده ، والأمر في ذلك قريب . والله أعلم .