Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 11-16)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { فَلَمَّآ أَتَاهَا } أي النار ، واقترب منها ، { نُودِىَ يٰمُوسَىٰ } وفي الآية الأخرى { نُودِىَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِى ٱلأَيْمَنِ فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّىۤ أَنَا ٱللَّهُ } القصص 30 وقال ههنا { إِنِّىۤ أَنَاْ رَبُّكَ } أي الذي يكلمك ويخاطبك { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } قال علي بن أبي طالب وأبو ذر وأبو أيوب وغير واحد من السلف كانتا من جلد حمار غير ذكي ، وقيل إنما أمره بخلع نعليه تعظيماً للبقعة . وقال سعيد بن جبير كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل الكعبة ، وقيل ليطأ الأرض المقدسة بقدميه حافياً غير منتعل ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم . وقوله { طُوًى } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو اسم للوادي ، وكذا قال غير واحد ، فعلى هذا يكون عطف بيان ، وقيل عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه ، وقيل لأنه قدس مرتين ، وطوى له البركة وكررت ، والأول أصح كقوله { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوىً } النازعات 16 . وقوله { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } كقوله { إِنْى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَـٰلَـٰتِي وَبِكَلَـٰمِي } الأعراف 144 أي على جميع الناس من الموجودين في زمانه ، وقد قيل إن الله تعالى قال يا موسى أتدري لم خصصتك بالتلكيم من بين الناس ؟ قال لا ، قال لأني لم يتواضع إلي أحد تواضعك . وقوله { فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } أي استمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك { إِنَّنِىۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ } هذا أول واجب على المكلفين أن يعلموا أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وقوله { فَٱعْبُدْنِى } أي وحدني ، وقم بعبادتي من غير شريك { وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِىۤ } قيل معناه صَلِّ لتذكرني ، وقيل معناه وأقم الصلاة عند ذكرك لي ، ويشهد لهذا الثاني ما قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا رقد أحدكم عن الصلاة ، أو غفل عنها ، فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله تعالى قال وأقم الصلاة لذكري " ، وفي " الصحيحين " عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نام عن صلاة أو نسيها ، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك " وقوله { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ } أي قائمة لا محالة ، وكائنة لا بد منها . وقوله { أَكَادُ أُخْفِيهَا } قال الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقرؤها أكاد أخفيها من نفسي يقول لأنها لا تخفى من نفس الله أبداً . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس من نفسه ، وكذا قال مجاهد وأبو صالح ويحيى بن رافع . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { أَكَادُ أُخْفِيهَا } يقول لا أطلع عليها أحداً غيري . وقال السدي ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا قد أخفى الله تعالى عنه علم الساعة ، وهي في قراءة ابن مسعود إني أكاد أخفيها من نفسي يقول كتمتها من الخلائق ، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت . وقال قتادة أكاد أخفيها ، وهي في بعض القراءات أخفيها من نفسي ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ، ومن الأنبياء والمرسلين . قلت وهذا كقوله تعالى { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } النمل 65 وقال { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } الأعراف 187 أي ثقل علمها على أهل السموات والأرض ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة ، حدثنا منجاب ، حدثنا أبو تميلة ، حدثني محمد بن سهل الأسدي عن وِقَاء قال أقرأنيها سعيد بن جبير أكاد أخفيها ، يعني بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول أظهرها ، ثم قال أما سمعت قول الشاعر @ دَأْبَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْراً دَمِيكاً بِأَريكَيْنِ يُخْفِيانِ غَميراً @@ قال السدي الغمير نبت رطب ينبت في خلال يبس ، والأريكين موضع ، والدميك الشهر التام ، وهذا الشعر لكعب بن زهير . وقوله سبحانه وتعالى { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } أي أقيمها لا محالة لأجزي كل عامل بعمله { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } الزلزلة 7 - 8 و { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الطور 16 وقوله { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } الآية ، المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين . أي لا تتبعوا سبيل من كذب بالساعة ، وأقبل على ملاذه في دنياه ، وعصى مولاه واتبع هواه ، فمن وافقهم على ذلك ، فقد خاب وخسر { فَتَرْدَىٰ } أي تهلك وتعطب ، قال الله تعالى { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } الليل 11 .