Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 123-126)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس اهبطوا منها جميعاً ، أي من الجنة كلكم ، وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } البقرة 36 قال آدم وذريته ، وإبليس وذريته . وقوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى } قال أبو العالية الأنبياء والرسل والبيان { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } قال ابن عباس لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى } أي خالف أمري وما أنزلته على رسولي ، أعرض عنه وتناساه ، وأخذ من غيره هداه { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } أي ضنكاً في الدنيا ، فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره ضيق حرج لضلاله ، وإن تنعم ظاهره ، ولبس ما شاء ، وأكل ما شاء ، وسكن حيث شاء ، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى ، فهو في قلق وحيرة وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد ، فهذا من ضنك المعيشة . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال الشقاء . وقال العوفي عن ابن عباس { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال كل ما أعطيته عبداً من عبادي ، قل أو كثر ، لا يتقيني فيه ، فلا خير فيه ، وهو الضنك في المعيشة ، وقال أيضاً إن قوماً ضلالاً أعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكاً ، وذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخلفاً لهم معايشهم من سوء ظنهم بالله والتكذيب ، فإذا كان العبد يكذب بالله ، ويسيء الظن به ، والثقة به ، اشتدت عليه معيشته ، فذلك الضنك . وقال الضحاك هو العمل السيىء والرزق الخبيث ، وكذا قال عكرمة ومالك بن دينار . وقال سفيان بن عيينة عن أبي حازم عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قوله { مَعِيشَةً ضَنكاً } قال يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيه ، وقال أبو حاتم الرازي النعمان بن أبي عياش يكنى أبا سلمة . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، أنبأنا الوليد ، أنبأنا عبد الله بن لهيعة ، عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال ضمة القبر له ، والموقوف أصح . وقال ابن أبي حاتم أيضاً حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج أبو السمح عن ابن حجيرة ، واسمه عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المؤمن في قبره في روضة خضراء ، ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً ، وينور له قبره كالقمر ليلة البدر ، أتدرون فيم أنزلت هذه الآية { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } ، أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " عذاب الكافر في قبره ، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً . أتدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية سبعة رؤوس ، ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم يبعثون " رفعه منكر جداً . وقال البزار حدثنا محمد بن يحيى الأزدي حدثنا محمد بن عمرو ، حدثنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن حجيرة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال " المعيشة الضنك الذي قال الله إنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية ينهشون لحمه حتى تقوم الساعة " وقال أيضاً حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال " عذاب القبر " إسناد جيد . وقوله { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ } قال مجاهد وأبو صالح والسدي لا حجة له ، وقال عكرمة عمي عليه كل شيء إلا جهنم ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يبعث أو يحشر إلى النار أعمى البصر والبصيرة أيضاً ، كما قال تعالى { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } الإسراء 97 الآية ، ولهذا يقول { رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِىۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } أي في الدنيا { قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَـٰتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } أي لما أعرضت عن آيات الله ، وعاملتها معاملة من لم يذكرها بعد بلاغها إليك ، تناسيتها وأعرضت عنها وأغفلتها ، كذلك اليوم نعاملك معاملة من ينساك { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } الأعراف 51 فإن الجزاء من جنس العمل . فأما نسيان لفظ القرآن مع فهم معناه والقيام بمقتضاه ، فليس داخلاً في هذاالوعيد الخاص ، وإن كان متوعداً عليه من جهة أخرى ، فإنه قد وردت السنة بالنهي الأكيد والوعيد الشديد في ذلك . قال الإمام أحمد حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن رجل عن سعد بن عبادة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من رجل قرأ القرآن فنسيه ، إلا لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم " ، ثم رواه الإمام أحمد من حديث يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواء .