Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 45-48)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى إخباراً عن موسى وهارون عليهما السلام ، أنهما قالا مستجيرين بالله تعالى شاكيين إليه { إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ } يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة ، أو يعتدي عليهما ، فيعاقبهما ، وهما لا يستحقان منه ذلك . قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن يفرط يعجل . وقال مجاهد يبسط علينا . وقال الضحاك عن ابن عباس أو أن يطغى يعتدي { قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } أي لا تخافا منه ، فإنني معكما ، أسمع كلامكما وكلامه ، وأرى مكانكما ومكانه ، لا يخفى عليّ من أمركم شيء ، واعلما أن ناصيته بيدي ، فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلا بإذني وبعد أمري ، وأنا معكما بحفظي ونصري وتأييدي . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لما بعث الله عز وجل موسى إلى فرعون ، قال رب أي شيء أقول ؟ قال قل هيا شراهيا . قال الأعمش فسر ذلك أنا الحي قبل كل شيء ، والحي بعد كل شيء ، إسناده جيد ، وشيء غريب ، { فَأْتِيَاهُ فَقُولاَۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ } قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس أنه قال مكثا على بابه حيناً لا يؤذن لهما حتى أذن لهما بعد حجاب شديد . وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن موسى وأخاه هارون خرجا ، فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه ، وهما يقولان إنا رسولا رب العالمين ، فآذنوا بنا هذا الرجل ، فمكثا فيما بلغني سنتين يغدوان ويروحان ، لا يعلم بهما ، ولا يجترىء أحد على أن يخبره بشأنهما ، حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه ، فقال له أيها الملك إن على بابك رجلاً يقول قولاً عجيباً ، يزعم أن له إلهاً غيرك أرسله إليك . قال ببابي ؟ قال نعم ، قال أدخلوه ، فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه ، فلما وقف على فرعون قال إني رسول رب العالمين ، فعرفه فرعون ، وذكر السدي أنه لما قدم بلاد مصر ، ضاف أمه وأخاه ، وهما لا يعرفانه ، وكان طعامهما ليلتئذ الطفيل ، وهو اللفت ، ثم عرفاه وسلما عليه ، فقال له موسى يا هارون إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون ، فأدعوه إلى الله ، وأمرك أن تعاونني . قال افعل ما أمرك ربك ، فذهبا ، وكان ذلك ليلاً ، فضرب موسى باب القصر بعصاه ، فسمع فرعون ، فغضب وقال من يجترىء على هذا الصنيع الشديد ؟ فأخبره السدنة والبوابون بأن ههنا رجلاً مجنوناً يقول إنه رسول الله ، فقال علي به ، فلما وقفا بين يديه ، قالا وقال لهما ما ذكر الله في كتابه . وقوله { قَدْ جِئْنَـٰكَ بِـآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ } أي بدلالة ومعجزة من ربك { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } أي والسلام عليك إن اتبعت الهدى ، ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم كتاباً ، كان أوله " بسم الله الرحمن الرحمن ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين " وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً صورته من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد ، فإني قد أشركتك في الأمر ، فلك المدر ولي الوبر ، ولكن قريشاً قوم يعتدون ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين " ولهذا قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ إِنَّا قَدْ أُوحِىَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } أي قد أخبرنا الله فيما أوحاه إلينا من الوحي المعصوم أن العذاب متمحض لمن كذب بآيات الله ، وتولى عن طاعته ، كما قال تعالى { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ وَءاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ } النازعات 37 - 39 وقال تعالى { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ لاَ يَصْلَـٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } الليل 14 - 16 وقال تعالى { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } القيامة 31 - 32 أي كذب بقلبه ، وتولى بفعله .