Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 49-52)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه قال لموسى منكراً وجود الصانع الخالق إله كل شيء وربه ومليكه ، قال { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } أي الذي بعثك وأرسلك من هو ؟ فإني لا أعرفه ، وما علمت لكم من إله غيري { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِىۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَىءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول خلق لكل شيء زوجه . وقال الضحاك عن ابن عباس جعل الإنسان إنساناً ، والحمار حماراً ، والشاة شاة . وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد أعطى كل شيء صورته . وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد سوى خلق كل دابة . وقال سعيد بن جبير في قوله { أَعْطَىٰ كُلَّ شَىءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } قال أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه ، ولم يجعل للإنسان من خلق الدابة ، ولاللدابة من خلق الكلب ، ولا للكلب من خلق الشاة ، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح ، وهيأ كل شيء على ذلك ، ليس شيء منها يشبه شيئاًمن أفعاله في الخلق والرزق والنكاح . وقال بعض المفسرين أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ، كقوله تعالى { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } الأعلى 3 أي قدر قدراً ، وهدى الخلائق إليه ، أي كتب الأعمال والآجال والأرزاق ، ثم الخلائق ماشون على ذلك ، لا يحيدون عنه ، ولا يقدر أحد على الخروج منه . يقول ربنا الذي خلق الخلق ، وقدر القدر ، وجبل الخليقة على ما أراد { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } أصح الأقوال في معنى ذلك أن فرعون لماأخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق ، وقدر فهدى ، شرع يحتج بالقرون الأولى ، أي الذين لم يعبدوا الله ، أي فما بالهم إذا كان الأمر كذلك ، لم يعبدوا ربك ، بل عبدوا غيره ؟ فقال له موسى في جواب ذلك هم وإن لم يعبدوه ، فإن علمهم عند الله مضبوط عليهم ، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله ، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال { لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَلاَ يَنسَى } أي لا يشذ عنه شيء ، ولا يفوته صغير ولا كبير ، ولا ينسى شيئاً ، يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط ، وأنه لا ينسى شيئاً ، تبارك وتعالى وتقدس وتنزه ، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما عدم الإحاطة بالشيء ، والآخر نسيانه بعد علمه ، فنزه نفسه عن ذلك .