Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 57-63)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أقسم الخليل قسماً أسمعه بعض قومه ليكيدن أصنامهم ، أي ليحرصن على أذاهم وتكسيرهم بعد أن يولوا مدبرين ، أي إلى عيدهم ، وكان لهم عيد يخرجون إليه ، قال السدي لما اقترب وقت ذلك العيد ، قال أبوه يا بني لو خرجت معنا إلى عيدنا ، لأعجبك ديننا ، فخرج معهم ، فلما كان ببعض الطريق ، ألقى نفسه إلى الأرض ، وقال إني سقيم ، فجعلوا يمرون عليه وهو صريع ، فيقولون مه ؟ فيقول إني سقيم ، فلما جاز عامتهم ، وبقي ضعفاؤهم ، قال { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ } فسمعه أولئك . وقال أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم ، مروا عليه ، فقالوا يا إبراهيم ألا تخرج معنا ؟ قال إني سقيم ، وقد كان بالأمس ، قال { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } فسمعه ناس منهم . وقوله { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } أي حطاماً ، كسرها كلها ، إلا كبيراً لهم ، يعني إلا الصنم الكبير عندهم ، كما قال { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } الصافات 93 . وقوله { لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } ذكروا أنه وضع القدوم في يد كبيرهم لعلهم يعتقدون أنه هو الذي غار لنفسه ، وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار ، فكسرها ، { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي حين رجعوا وشاهدوا ما فعله الخليل بأصنامهم من الإهانة والإذلال الدال على عدم إلهيتها ، وعلى سخافة عقول عابديها { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي في صنيعه هذا ، { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَٰهِيمُ } أي قال من سمعه يحلف إنه ليكيدنهم سمعنا فتىً ، أي شاباً يذكرهم ، يقال له إبراهيم . قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما بعث الله نبياً إلا شاباً ، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب ، وتلا هذه الآية { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَٰهِيمُ } . وقوله { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ } أي على رؤوس الأشهاد في الملأ الأكبر بحضرة الناس كلهم ، وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم عليه السلام أن يبين في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم وقلة عقلهم في عبادة هذه الأصنام التي لا تدفع عن نفسها ضراً ، ولا تملك لها نصراً ، فكيف يطلب منها شيء من ذلك ؟ { قَالُوۤاْ ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَا يٰإِبْرَٰهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } يعني الذي تركه لم يكسره { فَاسْـأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } وإنما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم ، فيعترفوا أنهم لا ينطقون ، وأن هذا لا يصدر عن هذا الصنم لأنه جماد . وفي " الصحيحين " من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن إبراهيم عليه السلام لم يكذب غير ثلاث ثنتين في ذات الله قوله { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } ، وقوله { فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ } ــــ قال ــــ وبينا هو يسير في أرض جبار من الجبابرة . ومعه سارة ، إذ نزل منزلاً ، فأتى الجبار رجل ، فقال إنه قد نزل ههنا رجل بأرضك معه امرأة أحسن الناس ، فأرسل إليه فجاء ، فقال ما هذه المرأة منك ؟ قال هي أختي . قال فاذهب فأرسل بها إلي ، فانطلق إلى سارة ، فقال إن هذا الجبار قد سألني عنك ، فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني عنده ، فإنك أختي في كتاب الله ، وإنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك ، فانطلق بها إبراهيم ، ثم قام يصلي ، فلما أن دخلت عليه ، فرآها ، أهوى إليها فتناولها ، فأخذ أخذاً شديداً ، فقال ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت له ، فأرسل ، فأهوى إليها ، فتناولها ، فأخذ بمثلها أو أشد ، ففعل ذلك الثالثة ، فأخذ ، فذكر مثل المرتين الأوليين ، فقال ادعي الله فلا أضرك ، فدعت له فأرسل ، ثم دعا أدنى حجابه فقال إنك لم تأتني بإنسان ، ولكنك أتيتني بشيطان ، أخرجها وأعطها هاجر . فأخرجت وأعطيت هاجر ، فأقبلت ، فلما أحس إبراهيم بمجيئها ، انفتل من صلاته ، وقال مهيم ؟ قالت كفى الله كيد الكافر الفاجر ، وأخدمني هاجر " قال محمد بن سيرين فكان أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث قال تلك أمكم يا بني ماء السماء