Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-2)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى حامداً لنفسه الكريمة على ما نزله على رسوله الكريم من القرآن العظيم كما قال تعالى { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } الكهف 1 ــــ 2 الآية ، وقال ههنا { تَبَارَكَ } وهو تفاعل ، من البركة المستقرة الثابتة الدائمة { ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ } نزّل فعّل من التكرر والتكثر ، كقوله { وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِى نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِىۤ أَنَزلَ مِن قَبْلُ } النساء 136 لأن الكتب المتقدمة كانت تنزل جملة واحدة ، والقرآن نزل منجماً مفرقاً مفصلاً ، آيات بعد آيات ، وأحكاماً بعد أحكام ، وسوراً بعد سور ، وهذا أشد وأبلغ ، وأشد اعتناء بمن أنزل عليه ، كما قال في أثناء هذه السورة { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَٰحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } الفرقان 32 ــــ 33 ولهذا سماه ههنا الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والغي والرشاد ، والحلال والحرام . وقوله { عَلَىٰ عَبْدِهِ } هذه صفة مدح وثناء لأنه أضافه إلى عبوديته ، كما وصفه بها في أشرف أحواله ، وهي ليلة الإسراء ، فقال { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } الإسراء 1 ، وكما وصفه بذلك في مقام الدعوة إليه { وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً } الجن 19 وكذلك وصفه عند إنزال الكتاب عليه ، ونزول الملك إليه ، فقال { تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً } . وقوله { لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً } أي إنما خصه بهذا الكتاب المفصل العظيم المبين المحكم الذي { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَـٰطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِه تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت 42 الذي جعله فرقاناً عظيماً ، إنما خصه به ليخصه بالرسالة إلى من يستظل بالخضراء ، ويستقل على الغبراء كما قال صلى الله عليه وسلم " بعثت إلى الأحمر والأسود " وقال " إني أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي " فذكر منهن أنه " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة " كما قال تعالى { قُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } الأعراف 158 الآية ، أي الذي أرسلني هو مالك السموات والأرض ، الذي يقول للشيء كن ، فيكون ، وهو الذي يحيي ويميت ، وهكذا قال ههنا { ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى المُلْكِ } ونزه نفسه عن الولد وعن الشريك . ثم أخبر أنه { وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } أي كل شيء مما سواه مخلوق مربوب ، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه ، وكل شيء تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره .