Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 32-34)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن كثرة إعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم ، حيث قالوا { لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَٰحِدَةً } أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحي إليه جملة واحدة ، كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية ، فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجماً في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث ، وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به كقوله { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ } الإسراء 106 الآية ، ولهذا قال { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } ، قال قتادة بيناه تبيينا . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وفسرناه تفسيراً { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي بحجة وشبهة { إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } أي ولا يقولون قولاً يعارضون به الحق ، إلا أجبناهم بما هو الحق في نفس الأمر ، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم . قال سعيد بن جبير عن ابن عباس { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي بما يلتمسون به عيب القرآن والرسول ، { إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ } الآية ، أي إلا نزل جبريل من الله تعالى بجوابهم ، وما هذا إلا اعتناء وكبير شرف للرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يأتيه الوحي من الله عز وجل بالقرآن صباحاً ومساء ، وليلاً ونهاراً ، سفراً وحضراً ، وكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن ، لا كإنزال كتابٍ مما قبله من الكتب المتقدمة ، فهذا المقام أعلى وأجل وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله ، ومحمد صلى الله عليه وسلم أعظم نبي أرسله الله تعالى ، وقد جمع الله للقرآن الصفتين معاً ، ففي الملأ الأعلى أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، ثم أنزل بعد ذلك إلى الأرض منجماً بحسب الوقائع والحوادث . وقال أبو عبد الرحمن النسائي أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ، قال الله تعالى { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } وقال تعالى { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَـٰهُ تَنْزِيلاً } . ثم قال تعالى مخبراً عن سوء حال الكفار في معادهم يوم القيامة ، وحشرهم إلى جهنم في أسوأ الحالات وأقبح الصفات { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً } . وفي " الصحيح " عن أنس أن رجلاً قال يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ فقال " إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وغير واحد من المفسرين .