Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 83-89)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا سؤال من إبراهيم عليه السلام أن يؤتيه ربه حكماً . قال ابن عباس وهو العلم . وقال عكرمة هو اللب ، وقال مجاهد هو القرآن . وقال السدي هو النبوة . وقوله { وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَ } أي اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار " اللهم في الرفيق الأعلى " قالها ثلاثاً . وفي الحديث في الدعاء " اللهم أحينا مسلمين ، وأمتنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مبدلين " وقوله { وَٱجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى ٱلأَخِرِينَ } أي واجعل لي ذكراً جميلاً بعدي أذكر به ويقتدى بي في الخير ، كما قال تعالى { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى ٱلأَخِرِينَ سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } الصافات 108 ــــ 110 . قال مجاهد وقتادة { وَٱجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى ٱلأَخِرِينَ } يعني الثناء الحسن . قال مجاهد وهو كقوله تعالى { وَءاتَيْنَـٰهُ فِى ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } النحل 122 الآية ، وكقوله { 1649وَءَاتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى ٱلْدُّنْيَا } العنكبوت 27 الآية ، قال ليث بن أبي سليم كل ملة تحبه وتتولاه ، وكذا قال عكرمة . وقوله تعالى { وَٱجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } أي أنعم عليّ في الدنيا ببقاء الذكر الجميل بعدي ، وفي الآخرة بأن تجعلني من ورثة جنة النعيم . وقوله { وَٱغْفِرْ لأَِبِىۤ } الآية ، كقوله { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِى وَلِوَالِدَىَّ } إبراهيم 41 وهذا مما رجع عنه إبراهيم عليه السلام ، كما قال تعالى { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَٰهِيمَ لأَِبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } ــــ إلى قوله ــــ { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } التوبة 114 وقد قطع الله تعالى الإلحاق في استغفاره لأبيه فقال تعالى { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } ــــ إلى قوله ــــ { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } . وقوله { وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } أي أجرني من الخزي يوم القيامة يوم يبعث الخلائق أولهم وآخرهم . وقال البخاري عند هذه الآية قال إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يلقى إبراهيم يوم القيامة أباه عليه الغبرة والقترة " وفي رواية أخرى حدثنا إسماعيل ، حدثنا أخي عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يلقى إبراهيم أباه فيقول يا رب إنك وعدتني أنك لا تخزني يوم يبعثون ، فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين " هكذا رواه عند هذه الآية . وفي أحاديث الأنبياء بهذا الإسناد بعينه منفرداً به ، ولفظه " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصيني ، فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ، فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال يا إبراهيم انظر تحت رجلك ، فينظر ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، فيؤخذ بقوائمه ، فيلقى في النار " ورواه أبو عبد الرحمن النسائي في التفسير من " سننه الكبير " . وقوله { وَلاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ } أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله ، حدثني أبي ، حدثني إبراهيم بن طهمان عن محمد بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة ، وقال له قد نهيتك عن هذا فعصيتني ، قال لكني اليوم لا أعصيك واحدة ، قال يا رب وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون ، فإن أخزيت أباه ، فقد أخزيت الأبعد . قال يا إبراهيم إني حرمتها على الكافرين ، فأخذ منه . قال يا إبراهيم أين أبوك ؟ قال أنت أخذته مني ، قال انظر أسفل منك ، فنظر ، فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه ، فأخذ بقوائمه فألقي في النار " وهذا إسناد غريب ، وفيه نكارة ، والذيخ هو الذكر من الضباع ، كأنه حول آزر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته ، فيلقى في النار كذلك ، وقد رواه البزار بإسناده من حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه غرابة ، ورواه أيضاً من حديث قتادة عن جعفر بن عبد الغافر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقوله { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } أي لا يقي المرء من عذاب الله ماله ، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً { وَلاَ بَنُونَ } أي ولو افتدى بمن على الأرض جميعاً ، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله وإخلاص الدين له ، والتبري من الشرك وأهله ، ولهذا قال { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } أي سالم من الدنس والشرك . قال ابن سيرين القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور . وقال ابن عباس { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } القلب السليم أن يشهد أن لا إله إلا الله . وقال مجاهد والحسن وغيرهما { بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } يعني من الشرك . وقال سعيد بن المسيب القلب السليم هو القلب الصحيح ، وهو قلب المؤمن ، لأن قلب المنافق مريض ، قال الله تعالى { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } البقرة 10 . قال أبو عثمان النيسابوري هو القلب السالم من البدعة ، المطمئن إلى السنة .