Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-21)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما عن ابن عباس وغيره كان الهدهد مهندساً يدل سليمان عليه السلام على الماء ، إذا كان بأرض فلاة ، طلبه ، فنظر له الماء في تخوم الأرض ، كما يرى الإنسان الشيء الظاهر على وجه الأرض ، ويعرف كم مساحة بعده من وجه الأرض ، فإذا دلهم عليه ، أمر سليمان عليه السلام الجان ، فحفروا له ذلك المكان حتى يستنبط الماء من قراره ، فنزل سليمان عليه السلام يوماً بفلاة من الأرض ، فتفقد الطير ليرى الهدهد ، فلم يره ، { فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } ؟ حدث يوماً عبد الله بن عباس بنحو هذا ، وفي القوم رجل من الخوارج يقال له نافع بن الأزرق ، وكان كثير الاعتراض على ابن عباس ، فقال له قف يابن عباس غلبت اليوم ، قال ولم ؟ قال إنك تخبر عن الهدهد أنه يرى الماء في تخوم الأرض ، وإن الصبي ليضع له الحبة في الفخ ، ويحثو على الفخ تراباً ، فيجيء الهدهد ليأخذها ، فيقع في الفخ ، فيصيده الصبي ، فقال ابن عباس ، لولا أن يذهب هذا فيقول رددت على ابن عباس ، لما أجبته ، ثم قال له ويحك إنه إذا نزل القدر ، عمي البصر ، وذهب الحذر ، فقال له نافع والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبداً . وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عبد الله البرزي من أهل برزة في غوطة دمشق ، وكان من الصالحين ، يصوم الاثنين والخميس ، وكان أعور قد بلغ الثمانين ، فروى ابن عساكر بسنده إلى أبي سليمان بن زيد أنه سأله عن سبب عوره ، فامتنع عليه ، فألح عليه شهوراً ، فأخبره أن رجلين من أهل خراسان نزلا عنده جمعة في قرية برزة ، وسألاه عن واد بها ، فأريتهما إياه ، فأخرجا مجامر ، وأوقدا فيها بخوراً كثيراً حتى عجعج الوادي بالدخان ، فأخذا يعزمان ، والحيات تقبل من كل مكان إليهما ، فلا يلتفتان إلى شيء منها ، حتى أقبلت حية نحو الذراع ، وعيناها تتوقدان مثل الدينار ، فاستبشرا بها عظيماً ، وقالا الحمد لله الذي لم يخيب سفرنا من سنة ، وكسرا المجامر ، وأخذا الحية ، فأدخلا في عينها ميلاً ، فاكتحلا به ، فسألتهما أن يكحلاني فأبيا ، فألححت عليهما وقلت لا بد من ذلك ، وتوعدتهما بالدولة ، فكحلا عيني الواحدة اليمنى ، فحين وقع في عيني ، نظرت إلى الأرض تحتي مثل المرآة أنظر ما تحتها كما ترى المرآة ، ثم قالا لي سر معنا قليلاً ، فسرت معهما ، وهما يحدثاني ، حتى إذا بعدت عن القرية ، أخذاني فكتفاني ، وأدخل أحدهما يده في عيني ففقأها ، ورمى بها ، ومضيا ، فلم أزل كذلك ملقى مكتوفاً حتى مر بي نفر ، ففك وثاقي ، فهذا ما كان من خبر عيني . وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن عمرو الغساني ، حدثنا عباد بن ميسرة المنقري عن الحسن قال اسم هدهد سليمان عليه السلام عنبر ، وقال محمد بن إسحاق كان سليمان عليه السلام إذا غدا إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه ، تفقد الطير ، وكان فيما يزعمون يأتيه نوب من كل صنف من الطير ، كل يوم طائر ، فنظر فرأى من أصناف الطير كلها من حضره ، إلا الهدهد ، { فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } أخطأه بصري من الطير ، أم غاب فلم يحضر ؟ وقوله { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } قال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد عن ابن عباس يعني نتف ريشه ، وقال عبد الله بن شداد نتف ريشه وتشميسه ، وكذا قال غير واحد من السلف إنه نتف ريشه وتركه ملقى يأكله الذر والنمل . وقوله { أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ } يعني قتله ، { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } بعذر بيّن واضح ، وقال سفيان بن عيينة وعبد الله بن شداد لما قدم الهدهد ، قالت له الطير ما خلفك ؟ فقد نذر سليمان دمك ، فقال هل استثنى ؟ قالوا نعم ، قال { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } قال نجوت إذاً ، قال مجاهد إنما دفع الله عنه ببره بأمه .