Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 32-35)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما قرأت عليهم كتاب سليمان ، استشارتهم في أمرها وما قد نزل بها ، ولهذا قالت { يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَـٰطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } أي حتى تحضرون وتشيرون ، { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُواْ قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي منوا إليها بعددهم وعددهم وقوتهم ، ثم فوضوا إليها بعد ذلك الأمر ، فقالوا { وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } أي نحن ليس لنا عاقة ، ولا بنا بأس ، إن شئت أن تقصديه وتحاربيه ، فما لنا عاقة عنه . وبعد هذا ، فالأمر إليك ، مري فينا رأيك ، نمتثله ونطيعه . قال الحسن البصري رحمه الله فوضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها ، فلما قالوا لها ما قالوا ، كانت هي أحزم رأياً منهم ، وأعلم بأمر سليمان ، وأنه لا قبل لها بجنوده وجيوشه وما سخر له من الجن والإنس والطير ، وقد شاهدت من قضية الكتاب مع الهدهد أمراً عجيباً بديعاً ، فقالت لهم إني أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه ، فيقصدنا بجنوده ، ويهلكنا بمن معه ، ويخلص إلي وإليكم الهلاك والدمار دون غيرنا . ولهذا قالت { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } قال ابن عباس أي إذا دخلوا بلداً عنوة ، أفسدوه ، أي خربوه { وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً } أي وقصدوا من فيها من الولاة والجنود ، فأهانوهم غاية الهوان ، إما بالقتل أو بالأسر . قال ابن عباس قالت بلقيس { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً } قال الرب عز وجل { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } . ثم عدلت إلى المصالحة والمهادنة والمسالمة والمخادعة والمصانعة ، فقالت { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } أي سأبعث إليه بهدية تليق بمثله وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك ، فلعله يقبل ذلك منا ، ويكف عنا ، أو يضرب علينا خراجاً نحمله إليه في كل عام ، ونلتزم له بذلك ، ويترك قتالنا ومحاربتنا . قال قتادة رحمها الله ورضي عنها ، ما كان أعقلها في إسلامها وشركها علمت أن الهدية تقع موقعاً من الناس . وقال ابن عباس وغير واحد قالت لقومها إن قبل الهدية ، فهو ملك فقاتلوه ، وإن لم يقبلها ، فهو نبي فاتبعوه .