Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 36-37)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر غير واحد من المفسرين من السلف وغيرهم أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من ذهب وجواهر ولآلىء وغير ذلك . وقال بعضهم أرسلت بلبنة من ذهب ، والصحيح أنها أرسلت إليه بآنية من ذهب . قال مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما أرسلت جواري في زي الغلمان ، وغلمان في زي الجواري ، فقالت إن عرف هؤلاء من هؤلاء ، فهو نبي ، قالوا فأمرهم سليمان أن يتوضؤوا فتوضؤوا ، فجعلت الجارية تفرغ على يدها من الماء ، وجعل الغلام يغترف ، فميزهم بذلك ، وقيل بل جعلت الجارية تغسل باطن يدها قبل ظاهرها ، والغلام بالعكس ، وقيل بل جعلت الجواري يغسلن من أكفهن إلى مرافقهن ، والغلمان من مرافقهم إلى كفوفهم ، ولا منافاة بين ذلك كله ، والله أعلم . وذكر بعضهم أنها أرسلت إليه بقدح ليملأه ماء رواء ، لا من السماء ولا من الأرض ، فأجرى الخيل حتى عرقت ، ثم ملأه من ذلك ، وبخرزة وسلك ليجعله فيها ، ففعل ذلك ، والله أعلم أكان ذلك أم لا ، وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات ، والظاهر أن سليمان عليه السلام لم ينظر إلى ما جاؤوا به بالكلية ، ولا اعتنى به ، بل أعرض عنه . وقال منكراً عليهم { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } أي أتصانعونني بمال لأترككم على شرككم وملككم ؟ { فَمَآ ءَاتَـٰنِي ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَـٰكُمْ } أي الذي أعطاني الله من الملك والمال والجنود خير مما أنتم فيه ، { بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } أي أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف ، وأما أنا ، فلا أقبل منكم إلا الإسلام أو السيف . قال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أمر سليمان الشياطين ، فموهوا له ألف قصر من ذهب وفضة ، فلما رأت رسلها ذلك ، قالوا ما يصنع هذا بهديتنا ؟ وفي هذا جواز تهيؤ الملوك وإظهارهم الزينة للرسل والقصاد ، { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ } أي بهديتهم ، { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } أي لا طاقة لهم بقتالهم ، { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً } أي ولنخرجنهم من بلدتهم أذلة ، { وَهُمْ صَـٰغِرُونَ } أي مهانون مدحورون . فلما رجعت إليها رسلها بهديتها ، وبما قال سليمان ، سمعت وأطاعت هي وقومها ، وأقبلت تسير إليه في جنودها خاضعة ذليلة ، معظمة لسليمان ، ناوية متابعته في الإسلام ، ولما تحقق سليمان عليه السلام قدومهم عليه ، ووفودهم إليه ، فرح بذلك ، وسره .