Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 1-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقد تقدم الكلام على الحروف المقطعة ، وقوله { تِلْكَ } أي هذه { ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } أي الواضح الجلي ، الكاشف عن حقائق الأمور ، وعلم ما قد كان ، وما هو كائن . وقوله { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ } الآية كما قال تعالى { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } يوسف 3 أي نذكر لك الأمر على ما كان عليه ، كأنك تشاهد ، وكأنك حاضر ، ثم قال تعالى { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي تكبر وتجبر وطغى { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } أي أصنافاً ، قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته . وقوله تعالى { يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ } يعني بني إسرائيل ، وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم ، هذا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العنيد ، يستعملهم في أخس الأعمال ، ويكدهم ليلاً ونهاراً في أشغاله وأشغال رعيته ، ويقتل مع هذا أبناءهم ، ويستحيي نساءهم إهانة لهم ، واحتقاراً وخوفاً من أن يوجد منهم الغلام الذي كان قد تخوف هو وأهل مملكته من أن يوجد منهم غلام ، يكون سبب هلاكه وذهاب دولته على يديه . وكانت القبط قد تلقوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل عليه السلام ، حين ورد الديار المصرية ، وجرى له مع جبارها ما جرى حين أخذ سارة ليتخذها جارية ، فصانها الله منه ، ومنعه منها بقدرته وسلطانه ، فبشر إبراهيم عليه السلام ولده أنه سيولد من صلبه وذريته من يكون هلاك ملك مصر على يديه ، فكانت القبط تحدث بهذا عند فرعون ، فاحترز فرعون من ذلك ، وأمر بقتل ذكور بني إسرائيل ، ولن ينفع حذر من قدر لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ، ولكل أجل كتاب ، ولهذا قال تعالى { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ــــ إلى قوله ــــ { يَحْذَرُونَ } وقد فعل تعالى ذلك بهم ، كما قال تعالى { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } ــــ إلى قوله ــ { يَعْرِشُونَ } الأعراف 137 . وقال تعالى { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } الشعراء 59 أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسىٰ ، فما نفعه ذلك مع قدرة الملك العظيم الذي لا يخالف أمره القدري ، ولا يغلب ، بل نفذ حكمه ، وجرى قلمه في القدم بأن يكون هلاك فرعون على يديه ، بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده ، وقتلت بسببه ألوفاً من الولدان ، إنما منشؤه ومرباه على فراشك وفي دارك ، وغذاؤه من طعامك ، وأنت تربيه وتدلـله وتتفداه ، وحتفك وهلاكك وهلاك جنودك على يديه لتعلم أن رب السموات العلا هو القاهر الغالب العظيم القوي العزيز الشديد المحال ، الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن .