Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 81-82)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته ، وفخره على قومه ، وبغيه عليهم ، عقب ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض كما ثبت في " الصحيح " عند البخاري من حديث الزهري عن سالم أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بينما رجل يجر إزاره ، إذ خسف به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " ثم رواه من حديث جرير بن زيد عن سالم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . وقال الإمام أحمد حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص ، حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين ، يختال فيهما ، أمر الله الأرض فأخذته ، فإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة " تفرد به أحمد ، وإسناده حسن . وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا أبو يعلى بن منصور ، أخبرني محمد بن مسلم ، سمعت زياد النميري يحدث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين ، فاختال فيهما ، فأمر الله الأرض فأخذته ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر في كتاب " العجائب الغريبة " بسنده عن نوفل بن مساحق قال رأيت شاباً في مسجد نجران ، فجعلت أنظر إليه ، وأتعجب من طوله وتمامه وجماله ، فقال ما لك تنظر إلي ؟ فقلت أعجب من جمالك وكمالك . فقال إن الله ليعجب مني ، قال فما زال ينقص وينقص حتى صار بطول الشبر ، فأخذه بعض قرابته في كمه وذهب به . وقد ذكر أن هلاك قارون كان من دعوة موسى نبي الله عليه السلام ، واختلف في سببه ، فعن ابن عباس والسدي أن قارون أعطى امرأة بغياً مالاً على أن تبهت موسى بحضرة الملأ من بني إسرائيل ، وهو قائم فيهم يتلو عليهم كتاب الله تعالى ، فتقول يا موسى إنك فعلت بي كذا وكذا ، فلما قالت ذلك في الملأ لموسى عليه السلام ، أرعد من الفرق ، وأقبل عليها بعدما صلى ركعتين ، ثم قال أنشدك بالله الذي فرق البحر ، وأنجاكم من فرعون ، وفعل كذا وكذا ، لما أخبرتني بالذي حملك على ما قلت ، فقالت أما إذ نشدتني ، فإن قارون أعطاني كذا وكذا على أن أقول ذلك لك ، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه ، فعند ذلك خرّ موسى لله عز وجل ساجداً ، وسأل الله في قارون ، فأوحى الله إليه أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه ، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره ، فكان ذلك . وقيل إن قارون لما خرج على قومه في زينته تلك وهو راكب على البغال الشهب ، وعليه وعلى خدمه ثياب الأرجوان المصبغة ، فمر في محفله ذلك على مجلس نبي الله موسى عليه السلام ، وهو يذكرهم بأيام الله ، فلما رأى الناس قارون ، انصرفت وجوههم نحوه ينظرون إلى ما هو فيه ، فدعاه موسى عليه السلام ، وقال ما حملك على ما صنعت ؟ فقال يا موسى أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة ، فلقد فضلت عليك بالدنيا ، ولئن شئت لنخرجن ، فلتدعون علي ، وأدعو عليك ، فخرج موسى ، وخرج قارون في قومه ، فقال موسى عليه السلام تدعو ، أو أدعو أنا ؟ فقال بل أدعو أنا ، فدعا قارون ، فلم يجب له ، ثم قال موسى أدعو ؟ قال نعم ، فقال موسى اللهم مر الأرض أن تطيعني اليوم ، فأوحى الله إِليه أني قد فعلت ، فقال موسى يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إِلى أقدامهم ، ثم قال خذيهم ، فأخذتهم إِلى ركبهم ، ثم إِلى مناكبهم ، ثم قال أقبلي بكنوزهم وأموالهم . قال فأقبلت بها حتى نظروا إليها ، ثم أشار موسى بيده ، ثم قال اذهبوا بني لاوي ، فاستوت بهم الأرض وعن ابن عباس قال خسف بهم إِلى الأرض السابعة . وقال قتادة ذكر لنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة ، فهم يتجلجلون فيها إلى يوم القيامة ، وقد ذكر ههنا إسرائيليات غريبة أضربنا عنها صفحاً . وقوله تعالى { فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } أي ما أغنى عنه ماله ولا جمعه ، ولا خدمه وحشمه ، ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه ونكاله ، ولا كان هو في نفسه منتصراً لنفسه ، فلا ناصر له من نفسه ، ولا من غيره . وقوله تعالى { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ } أي الذين لما رأوه في زينته { يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَـٰرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } فلما خسف به ، أصبحوا يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ، أي ليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه ، فإن الله يعطي ويمنع ، ويضيق ويوسع ، ويخفض ويرفع ، وله الحكمة التامة والحجة البالغة ، وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود " إِن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم ، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلاَّ من يحب " { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا } أي لولا لطف الله بنا وإِحسانه إِلينا لخسف بنا كما خسف به لأنا وددنا أن نكون مثله ، { وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَٰفِرُونَ } يعنون أنه كان كافراً ، ولا يفلح الكافرون عند الله ، لا في الدنيا ، ولا في الآخرة ، وقد اختلف النحاة في معنى قوله ههنا ويكأن ، فقال بعضهم معناه ويلك اعلم أن ، ولكن خفف ، فقيل ويك ، ودل فتح أن على حذف اعلم ، وهذا القول ضعفه ابن جرير ، والظاهر أنه قوي ، ولا يشكل على ذلك إلاَّ كتابتها في المصاحف متصلة ويكأن ، والكتابة أمر وضعي اصطلاحي ، والمرجع إلى اللفظ العربي ، والله أعلم ، وقيل معناها ويكأن ، أي ألم تر أن ، قاله قتادة . وقيل معناها وي كأن ، ففصلها وجعل حرف وي للتعجب ، أو للتنبيه ، وكأن بمعنى أظن وأحتسب . قال ابن جرير وأقوى الأقوال في هذا قول قتادة إنها بمعنى ألم تر أن ، واستشهد بقول الشاعر