Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 83-84)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول ، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين ، الذين لا يريدون علواً في الأرض ، أي ترفعاً على خلق الله ، وتعاظماً عليهم ، وتجبراً بهم ، ولا فساداً فيهم كما قال عكرمة العلو التجبر . وقال سعيد بن جبير العلو البغي . وقال سفيان ابن سعيد الثوري عن منصور عن مسلم البطين العلو في الأرض التكبر بغير حق ، والفساد أخذ المال بغير حق . وقال ابن جريج { لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأَرْضِ } تعظماً وتجبراً { وَلاَ فَسَاداً } عملاً بالمعاصي . وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي عن أشعث السمان عن أبي سلام الأعرج عن علي قال إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه ، فيدخل في قوله تعالى { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } وهذا محمول على ما إذا أراد بذلك الفخر والتطاول على غيره ، فإن ذلك مذموم ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد " وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل ، فهذا لا بأس به ، فقد ثبت أن رجلاً قال يا رسول الله إني أحب أن يكون ردائي حسناً ، ونعلي حسنة ، أفمن الكبر ذلك ؟ فقال " لا ، إن الله جميل يحب الجمال " وقال تعالى { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } أي يوم القيامة ، { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } أي ثواب الله خير من حسنة العبد ، فكيف والله يضاعفه أضعافاً كثيرة ، وهذا مقام الفضل ثم قال { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } كما قال في الآية الأخرى { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } القصص 84 وهذا مقام الفضل والعدل .