Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 16-18)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والإخلاص له في التقوى ، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له ، وتوحيده في الشكر ، فإنه المشكور على النعم ، لا مسدي لهاغيره ، فقال لقومه { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ } أي أخلصوا له العبادة والخوف ، { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي إذا فعلتم ذلك ، حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة ، واندفع عنكم الشر في الدنيا والآخرة ، ثم أخبر تعالى أن الأصنام التي يعبدونها لا تضر ولا تنفع ، وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء فسميتموها آلهة ، وإنما هي مخلوقة مثلكم ، هكذا رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد والسدي ، وروى الوالبي عن ابن عباس وتصنعون إفكاً ، أي تنحتونها أصناماً ، وبه قال مجاهد في رواية ، وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم ، واختاره ابن جرير رحمه الله ، وهي لا تملك لكم رزقاً ، { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ } وهذا أبلغ في الحصر كقوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } الفاتحة 5 { رَبِّ ٱبْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى ٱلْجَنَّةِ } التحريم 11 ولهذا قال { فَٱبْتَغُواْ } أي فاطلبوا { عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ } أي لا عند غيره ، فإن غيره لا يملك شيئاً ، { وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ } أي كلوا من رزقه ، واعبدوه وحده ، واشكروا له على ما أنعم به عليكم ، { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي يوم القيامة ، فيجازي كل عامل بعمله . وقوله تعالى { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } أي فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل ، { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } يعني إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى به من الرسالة ، والله يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء ، فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء . وقال قتادة في قوله { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } قال يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهذا من قتادة يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول ، واعترض بهذا إلى قوله { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } وهكذا نص على ذلك ابن جرير أيضاً . والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل عليه السلام ، يحتج عليهم لإثبات المعاد لقوله بعد هذا كله { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } والله أعلم .