Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-117)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن أبي نجيح زعم الحسن بن يزيد العجلي ، عن ابن مسعود في قوله تعالى { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } قال لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهكذا قال السدي . ويؤيد هذا القول الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده حدثنا أبو النضر وحسن بن موسى ، قالا حدثنا شيبان عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة ، فقال " أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم " قال فنزلت هذه الآيات { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } إلى قوله { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } والمشهور عند كثير من المفسرين كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه العوفي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام ، وأسد بن عبيد ، وثعلبة بن سَعْيَة ، وأسيد بن سَعْيَة ، وغيرهم ، أي لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب ، وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى { لَيْسُواْ سَوَآءً } أي ليسوا كلهم على حد سواء ، بل منهم المؤمن ، ومنهم المجرم ، ولهذا قال تعالى { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } أي قائمة بأمر الله ، مطيعة لشرعه ، متبعة نبي الله ، فهي قائمة ، يعني مستقيمة { يَتْلُونَ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي يقومون الليل ، ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَـٰشِعِينَ للَّهِ } آل عمران 199 الآية ، ولهذا قال تعالى ههنا { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ } أي لا يضيع عند الله ، بل يجزيهم به أوفر الجزاء { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } أي لا يخفى عليه عمل عامل ، ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملاً . ثم قال تعالى مخبراً عن الكفرة المشركين بأنه { لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئًا } أي لا يرد عنهم بأس الله ولا عذابه إذا أراده بهم { وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } . ثم ضرب مثلاً لما ينفقه الكفار في هذه الدار ، قاله مجاهد والحسن والسدي فقال تعالى { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِى هِـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } أي برد شديد ، قاله ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم . وقال عطاء برد وجليد ، وعن ابن عباس أيضاً ومجاهد { فِيهَا صِرٌّ } أي نار ، وهو يرجع إلى الأول ، فإن البرد الشديد ، ولا سيما الجليد ، يحرق الزروع والثمار ، كما يحرق الشيء بالنار { أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ } أي فأحرقته ، يعني بذلك السفعة إذا نزلت على حرث قد آن جذاذه أو حصاده ، فدمرته ، وأعدمت ما فيه من ثمر أو زرع ، فذهبت به وأفسدته ، فعدمه صاحبه أحوج ما كان إليه ، فكذلك الكفار يمحق الله ثواب أعمالهم في هذه الدنيا وثمرتها ، كما أذهب ثمرة هذا الحرث بذنوب صاحبه ، وكذلك هؤلاء بنوها على غير أصل وعلى غير أساس { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .