Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 121-123)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المراد بهذه الوقعة يوم أحد عند الجمهور ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغير واحد . وعن الحسن البصري المراد بذلك يوم الأحزاب . رواه ابن جرير ، وهو غريب لا يعول عليه . وكانت وقعة أحد يوم السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة . قال قتادة لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال . وقال عكرمة يوم السبت للنصف من شوال ، فالله أعلم ، وكان سببها أن المشركين حين قتل من قتل من أشرافهم يوم بدر ، وسلمت العير بما فيها من التجارة التي كانت مع أبي سفيان ، فلما رجع قَفَلُهُم إلى مكة ، قال أبناء من قتل ، ورؤساء من بقي لأبي سفيان أرصد هذه الأموال لقتال محمد ، فأنفقوها في ذلك ، فجمعوا الجموع والأحابيش ، وأقبلوا في نحو من ثلاثة آلاف ، حتى نزلوا قريباً من أحد تلقاء المدينة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، فلما فرغ منها ، صلى على رجل من بني النجار يقال له مالك بن عمرو ، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس " أيخرج إليهم أم يمكث بالمدينة " ؟ فأشار عبد الله بن أبي بالمقام بالمدينة ، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس ، وإن دخلوها قاتلهم الرجال في وجوههم ، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم ، وإن رجعوا رجعوا خائبين . وأشار آخرون من الصحابة ممن لم يشهد بدراً بالخروج إليهم ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته ، وخرج عليهم ، وقد ندم بعضهم ، وقالوا لعلنا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا رسول الله ، إن شئت أن نمكث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يرجع حتى يحكم الله له " فسار صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه ، فلما كانوا بالشوط ، رجع عبد الله بن أبي في ثلث الجيش مغضباً لكونه لم يرجع إلى قوله ، وقال هو وأصحابه لو نعلم اليوم قتالاً لاتبعناكم ، ولكنا لا نراكم تقاتلون اليوم . واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سائراً حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي . وجعل ظهره وعسكره إلى أحد ، وقال " لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال " وتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال ، وهو في سبعمائة من أصحابه . وأمر على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف . والرماة يومئذ خمسون رجلاً ، فقال لهم " انضحوا الخيل عنا ، ولا نؤتين من قبلكم ، والزموا مكانكم إن كانت النوبة لنا أو علينا ، وإن رأيتمونا تخطفنا الطير ، فلا تبرحوا مكانكم " وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ، وأعطى اللواء مصعب بن عمير أخا بني عبد الدار . وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الغلمان يومئذ ، وأرجأ آخرين حتى أمضاهم يوم الخندق بعد هذا اليوم بقريب من سنتين ، وتعبَّأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف ، ومعهم مائتا فرس قد جنبوها ، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد ، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل ، ودفعوا اللواء إلى بني عبد الدار ، ثم كان بين الفريقين ما سيأتي تفصيله في مواضعه عند هذه الآيات ، إن شاء الله تعالى ، ولهذا قال تعالى { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } أي تنزلهم منازلهم ، وتجعلهم ميمنة وميسرة وحيث أمرتهم { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي سميع لما تقولون ، عليم بضمائركم . وقد أورد ابن جرير ههنا سؤالاً حاصله كيف تقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم سار إلى أحد يوم الجمعة بعد الصلاة ، وقد قال الله تعالى { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } الآية ؟ ثم كان جوابه عنه أن غدوه ليبوئهم مقاعد إنما كان يوم السبت أول النهار . وقوله تعالى { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ } الآية ، قال البخاري حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال قال عمر سمعت جابر بن عبد الله يقول فينا نزلت { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ } الآية ، قال نحن الطائفتان بنو حارثة ، وبنو سلمة . وما نحب وقال سفيان مرة وما يسرني أنها لم تنزل لقوله تعالى { وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا } وكذا رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة به . وكذا قال غير واحد من السلف إنهم بنو حارثة ، وبنو سلمة . وقوله تعالى { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ } أي يوم بدر ، وكان يوم الجمعة ، وافق السابع عشر من شهر رمضان من سنة اثنتين من الهجرة ، وهو يوم الفرقان الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ، ودمغ فيه الشرك ، وخرب محله وحزبه ، هذا مع قلة عدد المسلمين يومئذ ، فإنهم كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، فيهم فرسان وسبعون بعيراً ، والباقون مشاة ليس معهم من العدد جميع ما يحتاجون إليه . وكان العدو يومئذ ما بين التسعمائة إلى الألف في سوابغ الحديد والبيض والعدة الكاملة ، والخيول المسومة ، والحلي الزائد ، فأعز الله رسوله ، وأظهر وحيه وتنزيله ، وبيض وجه النبي وقبيله ، وأخزى الشيطان وجيله ، ولهذا قال تعالى ممتناً على عباده المؤمنين وحزبه المتقين { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } أي قليل عددكم ليعلموا أن النصر إنما هو من عند الله ، لا بكثرة العدد والعُدد ، ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً } إلى { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن سماك ، قال سمعت عياضاً الأشعري قال شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء أبو عبيدة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وابن حسنة ، وخالد بن الوليد ، وعياض ، وليس عياض هذا الذي حدث سماكاً ، قال وقال عمر إذا كان قتال ، فعليكم أبو عبيدة ، قال فكتبنا إليه إنه قد جأش إلينا الموت ، واستمددناه ، فكتب إلينا إنه قد جاءني كتابكم تستمدونني ، وإني أدلكم على من هو أعز نصراً ، وأحصن جنداً الله عز وجل ، فاستنصروه ، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فقاتلوهم ولا تراجعوني ، قال فقاتلناهم فهزمناهم أربعة فراسخ ، قال وأصبنا أموالاً ، فتشاورنا ، فأشار علينا عياض أن نعطي عن كل ذي رأس عشرة ، قال وقال أبو عبيدة من يراهنني ؟ فقال شاب أنا إن لم تغضب ، قال فسبقه ، فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تَنْقُزَان ، وهو خلفه على فرس عُرْي ، وهذا إسناد صحيح ، وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث بندار عن غندر بنحوه ، واختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه ، وبدر محلة بين مكة والمدينة تعرف ببئرها ، منسوبة إلى رجل حفرها ، يقال له بدر بن النارين ، قال الشعبي بدر بئر لرجل يسمى بدراً ، وقوله { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي تقومون بطاعته .