Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 45-47)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه بشارة من الملائكة لمريم عليها السلام بأن سيوجد منها ولد عظيم له شأن كبير . قال الله تعالى { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ } أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله ، أي يقول له كن ، فيكون ، وهذا تفسير قوله { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } كما ذكر الجمهور على ما سبق بيانه { ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ } أي يكون مشهوراً بهذا في الدينا ، ويعرفه المؤمنون بذلك ، وسمي المسيح ، قال بعض السلف لكثرة سياحته . وقيل لأنه كان مسيح القدمين ، لا أخمص لهما ، وقيل لأنه كان إذا مسح أحداً من ذوي العاهات برىء بإذن الله تعالى . وقوله { عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } نسبة إلى أمه حيث لا أب له . { وَجِيهًا فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلاَْخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا بما يوحيه الله إليه من الشريعة ، وينزله عليه من الكتاب ، وغير ذلك مما منحه الله به ، وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فيمن يأذن له فيه ، فيقبل منه أسوة بإخوانه من أولي العزم ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، وقوله { وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } أي يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له في حال صغره ، معجزة وآية ، وفي حال كهولته حين يوحي الله إليه بذلك { وَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } أي في قوله وعمله ، له علم صحيح ، وعمل صالح . قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن محمد بن شرحبيل ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تكلم مولود في صغره إلا عيسى ، وصاحب جريج " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو الصقر يحيى بن محمد بن قزعة ، حدثنا الحسين ، يعني المروزي ، حدثنا جرير ، يعني ابن حازم ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ، وصبي كان في زمن جريج ، وصبي آخر " فلما سمعت بشارة الملائكة لها بذلك عن الله عز وجل ، قالت في مناجاتها { رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ } تقول كيف يوجد هذا الولد مني ، وأنا لست بذات زوج ، ولا من عزمي أن أتزوج ، ولست بغياً حاشا لله ؟ فقال لها الملك عن الله عز وجل في جواب ذلك السؤال { كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } أي هكذا أمر الله عظيم لا يعجزه شيء ، وصرح ههنا بقوله { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ولم يقل يفعل ، كما في قصة زكريا ، بل نص ههنا على أنه يخلق لئلا يبقى لمبطل شبهة ، وأكد ذلك بقوله { إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } أي فلا يتأخر شيئاً بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلة ، كقوله { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَٰحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } القمر 50 أي إنما نأمر مرة واحدة لا مثنوية فيها ، فيكون ذلك الشيء سريعاً كلمح البصر .