Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 69-74)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن حسد اليهود للمؤمنين ، وبغيهم إياهم الإضلال ، وأخبر أن وبال ذلك إنما يعود على أنفسهم ، وهم لا يشعرون أنهم ممكور بهم ، ثم قال تعالى منكراً عليهم { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِأَيَـٰتِ ٱللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ } أي تعلمون صدقها ، وتتحققون حقها . { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي تكتمون ما في كتبكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تعرفون ذلك وتتحققونه { وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ ءَاخِرَهُ } الآية ، هذه مكيدة أرادوها ليلبسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم ، وهو أنهم اشتوروا بينهم أن يظهروا الإيمان أول النهار ، ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح ، فإذا جاء النهار ، ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب في دين المسلمين ، ولهذا قالوا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } . وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى إخباراً عن اليهود بهذه الآية ، يعني يهوداً صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، وكفروا آخر النهار مكراً منهم ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه . وقال العوفي عن ابن عباس قالت طائفة من أهل الكتاب إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا ، وإذا كان آخره ، فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب ، وهم أعلم منا ، وهكذا روي عن قتادة والسدي والربيع وأبي مالك . وقوله تعالى { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } أي لا تطمئنوا أو تظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم ، ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين ، فيؤمنوا به ، ويحتجوا به عليكم . قال الله تعالى { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } أي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات ، والدلائل القاطعات ، والحجج الواضحات وإن كتمتم أيها اليهود ما بأيديكم من صفة محمد النبي الأمي في كتبكم التي نقلتموها عن الأنبياء الأقدمين . وقوله { أَن يُؤْتَىٰۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ } يقولون لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين ، فيتعلموه منكم ، ويساووكم فيه ، ويمتازوا به عليكم لشدة الإيمان به ، أو يحاجوكم به عند ربكم ، أي يتخذوه حجة عليكم بما في أيديكم ، فتقوم به عليكم الدلالة ، وتتركب الحجة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى { قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } أي الأمور كلها تحت تصرفه ، وهو المعطي المانع ، يمن على من يشاء بالإيمان والعلم والتصرف التام ، ويضل من يشاء ، فيعمي بصره وبصيرته ، ويختم على قلبه وسمعه ، ويجعل على بصره غشاوة ، وله الحجة التامة والحكمة البالغة { وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } أي اختصكم أيها المؤمنون من الفضل بما لا يحد ولا يوصف ، بما شرف به نبيكم محمداً صلى الله عليه وسلم ، على سائر الأنبياء ، وهداكم به إلى أكمل الشرائع .