Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 75-76)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن اليهود بأن منهم الخونة ، ويحذر المؤمنين من الاغترار بهم ، فإن منهم { مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } أي من المال { يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } أي وما دونه بطريق الأولى أن يؤديه إليك { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا } أي بالمطالبة والملازمة والإلحاح في استخلاص حقك ، وإذا كان هذا صنيعه في الدينار ، فما فوقه أولى أن لا يؤديه إليك . وقد تقدم الكلام على القنطار في أول السورة ، وأما الدينار فمعروف . وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا سعيد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية عن زياد بن الهيثم ، حدثنا مالك بن دينار ، قال إنما سمي الدينار لأنه دين ونار ، وقيل معناه من أخذه بحقه فهو دينه ، ومن أخذه بغير حقه فله النار . ومناسب أن يذكر ههنا الحديث الذي علقه البخاري في غير موضع من صحيحه ، ومن أحسنها سياقه في كتاب الكفالة حيث قال وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل ، سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار ، فقال ائتني بالشهداء أشهدهم ، فقال كفى بالله شهيداً . قال ائتني بالكفيل . قال كفى بالله كفيلاً . قال صدقت ، فدفعها إليه إلى أجل مسمى ، فخرج في البحر ، فقضى حاجته ، ثم التمس مركباً يركبها ليقدم عليه في الأجل الذي أجله ، فلم يجد مركباً ، فأخذ خشبة فنقرها ، فأدخل فيها ألف دينار ، وصحيفة منه إلى صاحبه ، ثم زجج موضعهما ، ثم أتى بها إلى البحر ، فقال اللهم إنك تعلم أني استسلفت فلاناً ألف دينار ، فسألني شهيداً ، فقلت كفى بالله شهيداً ، وسألني كفيلاً ، فقلت كفى بالله كفيلاً ، فرضي بذلك ، وأني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر ، وإني استودعتكها ، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده ، فخرج الرجل الذي كان أسلفه لينظر لعل مركباً يجيئه بماله ، فإذا بالخشبة التي فيها المال ، فأخذها لأهله حطباً ، فلما كسرها ، وجد المال والصحيفة ، ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه ، فأتاه بألف دينار ، وقال والله ما زلت جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك ، فما وجدت مركباً قبل الذي أتيت فيه ، قال هل كنت بعثت إلي بشيء ؟ قال ألم أخبرك أني لم أجد مركباً قبل هذا ، قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة ، فانصرف بألف دينار راشداً ، هكذا رواه البخاري في موضع معلقاً بصيغة الجزم ، وأسنده في بعض المواضع من الصحيح عن عبد الله بن صالح كاتب الليث ، عنه . ورواه الإمام أحمد في مسنده هكذا مطولاً ، عن يونس بن محمد المؤدب عن الليث به ، ورواه البزار في مسنده عن الحسن بن مدرك عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن عمر ابن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ثم قال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ، كذا قال ، وهو خطأ لما تقدم . وقوله { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } أي إنما حملهم على جحود الحق أنهم يقولون ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الأميين ، وهم العرب ، فإن الله قد أحلها لنا ، قال الله تعالى { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي وقد اختلقوا هذه المقالة ، وائتفكوا بهذه الضلالة ، فإن الله حرم عليهم أكل الأموال إلا بحقها ، وإنما هم قوم بهت . قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أبي إسحاق الهمداني ، عن صعصعة بن يزيد ، أن رجلاً سأل ابن عباس ، فقال إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ، قال ابن عباس فتقولون ماذا ؟ قال نقول ليس علينا بذلك بأس ، قال هذا كما قال أهل الكتاب { لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } ، إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم . وكذا رواه الثوري عن أبي إسحاق بنحوه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا يعقوب ، حدثنا جعفر عن سعيد بن جبير ، قال لما قال أهل الكتاب { لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } قال نبي الله صلى الله عليه وسلم " كذب أعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين ، إلا الأمانة ، فإنها مؤداة إلى البر والفاجر " ثم قال تعالى { بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَٱتَّقَى } أي لكن من أوفى بعهده ، واتقى منكم يا أهل الكتاب الذي عاهدكم الله عليه ، من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث ، كما أخذ العهد والميثاق على الأنبياء وأممهم بذلك ، واتقى محارم الله ، واتبع طاعته وشريعته التي بعث بها خاتم رسله وسيدهم { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ } .