Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 93-95)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الإمام أحمد حدثنا هشام بن القاسم ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا شهر ، قال قال ابن عباس حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا حدثنا عن خلال نسألك عنهن ، لا يعلمهن إلا نبي ، قال " سلوني عما شئتم ، ولكن اجعلوا لي ذمة الله ، وما أخذ يعقوب على بنيه ، لئن أنا حدثتكم شيئاً فعرفتموه ، لتتابعني على الإسلام " قالوا فذلك لك ، قالوا أخبرنا عن أربع خلال أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه ؟ وكيف ماء المرأة وماء الرجل ؟ وكيف يكون الذكر منه والأنثى ؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ؟ ومن وليه من الملائكة ؟ فأخذ عليهم العهد لئن أخبرهم ليتابعنه ، فقال " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضاً شديداً ، وطال سقمه ، فنذر لله نذراً لئن شفاه الله من سقمه ، ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه ، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها " ؟ فقالوا اللهم نعم قال " اللهم اشهد عليهم " وقال " أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، الذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة أصفر رقيق ، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله ، إن علا ماء الرجل ماء المرأة ، كان ذكراً بإذن الله ، وإن علا ماء المرأة ماء الرجل ، كان أنثى بإذن الله " ؟ قالوا نعم . قال " اللهم اشهد عليهم " وقال " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ، ولا ينام قلبه " ؟ قالوا اللهم نعم . قال " اللهم اشهد " قالوا وأنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة ؟ فعندها نجامعك ونفارقك ، قال " وإن وليي جبريل ، ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليه " قالوا فعند ذلك نفارقك ، ولو كان وليك غيره لتابعناك ، فعند ذلك ، قال الله تعالى { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ } البقرة 97 الآية ، ورواه أحمد أيضاً عن حسين بن محمد ، عن عبد الحميد به . طريق أخرى قال أحمد حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي ، عن بكير بن شهاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا أبا القاسم ، إنا نسألك عن خمسة أشياء ، فإن أنبأتنا بهن ، عرفنا أنك نبي ، واتبعناك ، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قال { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } القصص 28 قال " هاتوا " قالوا أخبرنا عن علامة النبي ، قال " تنام عيناه ولا ينام قلبه " قالوا أخبرنا كيف تؤنث المرأة ، وكيف تذكر ؟ قال " يلتقي الماءان ، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة ، أذكرت ، وإذا علا ماء المرأة ، أنثت " قالوا أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال " كان يشتكي عرق النسا ، فلم يجد شيئاً يلائمه إلا ألبان كذا وكذا قال أحمد قال بعضهم يعني الإبل فحرم لحومها " قالوا صدقت ، قالوا أخبرنا ما هذا الرعد ؟ قال " ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو في يديه مخراق من نار يزجر به السحاب ، يسوقه حيث أمره الله عز وجل " قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع ؟ قال " صوته " قالوا صدقت ، إنما بقيت واحدة ، وهي التي نتابعك إن أخبرتنا بها ، إنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر ، فأخبرنا من صاحبك ؟ قال " جبريل عليه السلام " ، قالوا جبريل ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا ، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر ، لكان ، فأنزل الله تعالى { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } البقرة 97 والآية بعدها . وقد رواه الترمذي والنسائي ، من حديث عبد الله بن الوليد العجلي به نحوه ، وقال الترمذي حس غريب ، وقال ابن جريج والعوفي عن ابن عباس كان إسرائيل عليه السلام وهو يعقوب يعتريه عرق النسا بالليل ، وكان يقلقه ويزعجه عن النوم ، ويقلع الوجع عنه بالنهار ، فنذر لله لئن عافاه الله لا يأكل عرقاً ، ولا يأكل ولد ما له عرق ، وهكذا قال الضحاك والسدي ، كذا رواه . وحكاه ابن جرير في تفسيره ، قال فاتبعه بنوه في تحريم ذلك استناناً به ، واقتداء بطريقه ، قال وقوله { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } أي حرم ذلك على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، قلت ولهذا السياق بعدما تقدم مناسبتان إحداهما أن إسرائيل عليه السلام حرم أحب الأشياء إليه ، وتركها لله ، وكان هذا سائغاً في شريعتهم ، فله مناسبة بعد قوله { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران 92 فهذا هو المشروع عندنا ، وهو الإنفاق في طاعة الله مما يحبه العبد ويشتهيه ، كما قال تعالى { وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } البقرة 177 وقال تعالى { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } الإنسان 8 الآية . المناسبة الثانية لما تقدم السياق في الرد على النصارى ، واعتقادهم الباطل في المسيح ، وتبيين زيف ما ذهبوا إليه ، وظهور الحق واليقين في أمر عيسى وأمه ، كيف خلقه الله بقدرته ومشيئته وبعثه إلى بني إسرائيل يدعو إلى عبادة ربه تبارك وتعالى ، شرع في الرد على اليهود ، قبحهم الله تعالى ، وبيان أن النسخ الذي أنكروا وقوعه وجوازه قد وقع ، فإن الله تعالى قد نص في كتابهم التوراة أن نوحاً عليه السلام لما خرج من السفينة ، أباح الله له جميع دواب الأرض يأكل منها ، ثم بعد هذا حرم إسرائيل على نفسه لحمان الإبل وألبانها ، فاتبعه بنوه في ذلك ، وجاءت التوراة بتحريم ذلك ، وأشياء أخرى زيادة على ذلك ، وكان الله عز وجل قد أذن لآدم في تزويج بناته من بنيه ، وقد حرم ذلك بعد ذلك ، وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام ، وقد فعله إبراهيم في هاجر لما تسرى بها على سارة ، وقد حرم مثل هذا في التوراة عليهم ، وكذلك كان الجمع بين الأختين سائغاً ، وقد فعله يعقوب عليه السلام ، جمع بين الأختين ، ثم حرم عليهم ذلك في التوراة ، وهذا كله منصوص عليه في التوراة عندهم ، وهذا هو النسخ بعينه ، فكذلك فليكن ما شرعه الله للمسيح عليه السلام ، في إحلاله بعض ما حرم في التوراة ، فما بالهم لم يتبعوه ؟ بل كذبوه وخالفوه ؟ وكذلك ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الدين القويم ، والصراط المستقيم ، وملة أبيه إبراهيم ، فما بالهم لا يؤمنون ؟ ولهذا قال تعالى { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَٰءِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } أي كان حلاً لهم جميع الأطعمة قبل نزول التوراة ، إلا ما حرمه إسرائيل ، ثم قال تعالى { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فإنها ناطقة بما قلناه { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي فمن كذب على الله ، وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً ، وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعو إلى الله تعالى بالبراهين والحجج ، بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرناه { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } ثم قال تعالى { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ } أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به ، وفيما شرعه في القرآن ، { فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية ، وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ، ولا أبين ولا أوضح ولا أتم ، كما قال تعالى { قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبِّىۤ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الأنعام 161 وقال تعالى { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } .