Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 96-97)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أن أول بيت وضع للناس ، أي لعموم الناس لعبادتهم ونسكهم ، يطوفون به ، ويصلون إليه ، ويعتكفون عنده { لَلَّذِى بِبَكَّةَ } يعني الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام ، الذي يزعم كل من طائفتي النصارى واليهود أنهم على دينه ومنهجه ، ولا يحجون إلى البيت الذي بناه عن أمر الله له في ذلك ، ونادى الناس إلى حجه ، ولهذا قال تعالى { مُبَارَكاً } أي وضع مباركاً { وَهُدًى لِّلْعَـٰلَمِينَ } وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال قلت يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال " المسجد الحرام " قلت ثم أي ؟ قال " المسجد الأقصى " قلت كم بينهما ؟ قال " أربعون سنة " قلت ثم أي ؟ قال " ثم حيث أدركتَ الصلاة فصل ، فكلها مسجد " وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به . وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا سعيد بن سليمان ، عن شريك ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً } قال كانت البيوت قبله ، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله . وحدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، قال قام رجل إلى علي رضي الله عنه ، فقال ألا تحدثني عن البيت ، أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ قال لا ، ولكنه أول بيت وضع فيه البركة مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمناً ، وذكر تمام الخبر في كيفية بناء إبراهيم البيت ، وقد ذكرنا ذلك مستقصى في أول سورة البقرة ، فأغنى عن إعادته هنا . وزعم السدي أنه أول بيت وضع على وجه الأرض مطلقاً ، والصحيح قول علي رضي الله عنه . فأما الحديث الذي رواه البيهقي في بناء الكعبة في كتابه دلائل النبوة من طريق ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً " بعث الله جبريل إلى آدم وحواء ، فأمرهما ببناء الكعبة ، فبناه آدم ، ثم أمر بالطواف به ، وقيل له أنت أول الناس ، وهذا أول بيت وضع للناس " فإنه كما ترى من مفردات ابن لهيعة ، وهو ضعيف . والأشبه ، والله أعلم ، أن يكون هذا موقوفاً على عبد الله بن عمرو ، ويكون من الزاملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك من كلام أهل الكتاب . وقوله تعالى { لَلَّذِى بِبَكَّةَ } بكة من أسماء مكة على المشهور ، قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الظلمة والجبابرة ، بمعنى أنهم يذلون بها ، ويخضعون عندها . وقيل لأن الناس يتباكون فيها ، أي يزدحمون . قال قتادة إن الله بك به الناس جميعاً ، فيصلي النساء أمام الرجال ، ولا يفعل ذلك ببلد غيرها ، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب ومقاتل بن حيان . وذكر حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال مكة من الفج إلى التنعيم ، وبكة من البيت إلى البطحاء . وقال شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم بكة البيت والمسجد ، وكذا قال الزهري . وقال عكرمة ، في رواية ، وميمون بن مهران البيت وما حوله بكة ، وما وراء ذلك مكة . وقال أبو صالح وإبراهيم النخعي وعطية العوفي ومقاتل بن حيان بكة موضع البيت ، وما سوى ذلك مكة ، وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة مكة ، وبكة ، والبيت العتيق ، والبيت الحرام ، والبلد الأمين ، والمأمون ، وأم رحم ، وأم القرى ، وصلاح ، والعرش على وزن بدر ، والقادس لأنها تطهر من الذنوب ، والمقدسة ، والناسة بالنون ، وبالباء أيضاً ، والحاطمة ، والنسَّاسة ، والرأس ، وكوثاء ، والبلدة ، والبنية ، والكعبة . وقوله تعالى { فِيهِ ءَايَـٰتٌ بَيِّـنَـٰتٌ } أي دلالات ظاهرة أنه من بناء إبراهيم ، وأن الله عظمه وشرفه ، ثم قال تعالى { مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ } يعني الذي لما ارتفع البناء استعان به على رفع القواعد منه والجدران ، حيث كان يقف عليه ، ويناوله ولده إسماعيل ، وقد كان ملتصقاً بجدار البيت حتى أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إمارته إلى ناحية الشرق بحيث يتمكن الطواف منه ، ولا يشوشون على المصلين عنده بعد الطواف لأن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة عنده حيث قال { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِيمَ مُصَلًّى } البقرة 125 وقد قدمنا الأحاديث في ذلك ، فأغنى عن إعادتها ههنا ، و لله الحمد والمنة . وقال العوفي عن ابن عباس في قوله { فِيهِ ءَايَـٰتٌ بَيِّـنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ } أي فمنهنَّ مقام إبراهيم والمشْعَر . وقال مجاهد أثر قدميه في المقام آية بينة ، وكذا روي عن عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان وغيرهم ، وقال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة @ ومَوْطِىءُ إبراهيمَ في الصَّخْرِ رَطْبَةٌ على قَدَمَيْه حافِياً غَيْرَ ناعِلِ @@ وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد وعمرو الأودي ، قالا حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى { مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ } قال الحرم كله مقام إبراهيم ، ولفظ عمرو الحجر كله مقام إبراهيم ، وروي عن سعيد بن جبير أنه قال الحج مقام إبراهيم ، هكذا رأيته في النسخة ، ولعله الحجر كله مقام إبراهيم ، وقد صرح بذلك مجاهد . وقوله تعالى { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً } يعني حرم مكة ، إذا دخله الخائف ، يأمن من كل سوء ، وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية ، كما قال الحسن البصري وغيره كان الرجل يقتل ، فيضع في عنقه صوفة ، ويدخل الحرم ، فيلقاه ابن المقتول ، فلا يهيجه حتى يخرج . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو يحيى التَّيْمي ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً } قال من عاذ بالبيت ، أعاذه البيت ، ولكن لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ، فإذا خرج أخذ بذنبه ، وقال الله تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمًْ } العنكبوت 67 الآية ، وقال تعالى { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍِ } قريش 3 4 وحتى إنه من جملة تحريمها حرمة اصطياد صيدها وتنفيره عن أوكاره ، وحرمة قطع شجرها وقلع حشيشها ، كما ثبتت الأحاديث والآثار في ذلك عن جماعة من الصحابة مرفوعاً وموقوفاً . ففي الصحيحين ، واللفظ لمسلم ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم فتح مكة " لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا " وقال يوم الفتح فتح مكة " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله ، إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها " فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم ، فقال " إلا الإذخر " ، ولهما عن أبي هريرة مثله ، أو نحوه ، ولهما ، واللفظ لمسلم أيضاً ، عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد ، وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح ، سمعته أذناي ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناي حين تكلم به ، إنه حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال " إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فقولوا له إن الله أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب " فقيل لأبي شريح ما قال لك عمرو ؟ قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح ، إن الحرم لا يعيذ عاصياً ، ولا فاراً بدم ، ولا فاراً بخَزْية . وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول " لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة " رواه مسلم . وعن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو واقف بالحَزْوَرَة بسوق مكة ، يقول " والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " رواه الإمام أحمد ، وهذا لفظه ، والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وقال الترمذي حسن صحيح ، وكذا صَحَّح من حديث ابن عباس نحوه ، وروى أحمد عن أبي هريرة نحوه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان ، حدثنا أبو عاصم ، عن زريق بن مسلم الأعمى مولى بني مخزوم ، حدثني زياد بن أبي عياش ، عن يحيى بن جعدة بن هبيرة في قوله تعالى { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً } قال آمناً من النار . وفي معنى هذا القول الحديث الذي رواه البيهقي أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن سليمان الواسطي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا ابن المؤمل عن ابن محيصن ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دخل البيت دخل في حسنة ، وخرج من سيئة ، وخرج مغفوراً له " ثم قال تفرد به عبد الله بن المؤمل ، وليس بالقوي . وقوله { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } هذه آية وجوب الحج عند الجمهور . وقيل بل هي قوله { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ } البقرة 196 ، والأول أظهر . وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده ، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعاً ضرورياً ، وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع . قال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا الربيع بن مسلم القرشي ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال " أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو قلت نعم ، لوجبت ، ولما استطعتم " ثم قال " ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، وإذا أمرتكم بشيء ، فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء ، فدعوه " ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن يزيد بن هارون به نحوه . وقد روى سفيان بن حسين ، وسليمان ابن كثير ، وعبد الجليل بن حميد ، ومحمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن أبي سنان الدؤلي ، واسمه يزيد بن أمية ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج " فقام الأقرع بن حابس ، فقال يا رسول الله أفي كل عام ؟ فقال " لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت لم تعملوا بها ، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها ، الحج مرة ، فمن زاد فهو تطوع " رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، والحاكم من حديث الزهري به ، ورواه شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه . وروي من حديث أسامة بن زيد . قال الإمام أحمد حدثنا منصور بن وردان عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن أبي البَخْتَري ، عن علي رضي الله عنه ، قال لما نزلت { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } قالوا يا رسول الله في كل عام ؟ فسكت ، قالوا يا رسول الله في كل عام ؟ قال " لا ، ولو قلت نعم ، لوجبت " ، فأنزل الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } المائدة 101 وكذا رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث منصور بن وردان به ، ثم قال الترمذي حسن غريب ، وفيما قال نظر لأن البخاري قال لم يسمع أبو البختري من علي . وقال ابن ماجه حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا محمد بن أبي عبيدة عن أبيه ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس بن مالك ، قال قالوا يا رسول الله ، الحج في كل عام ؟ قال " لو قلت نعم ، لوجبت ، ولو وجبت ، لم تقوموا بها ، ولو لم تقوموا بها ، لعذبتم " وفي الصحيحين من حديث ابن جريج عن عطاء ، عن جابر ، عن سراقة بن مالك ، قال يا رسول الله ، متعتنا هذه لعامنا هذا ، أم للأبد ؟ قال " لا ، بل للأبد " وفي رواية " بل لأبد الأبد " . وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لنسائه في حجته هذه « هذه ثم ظهور الحصر يعني ثم الزمن ظهور الحصر ولا تخرجن من البيوت » وأما الاستطاعة فأقسام تارة يكون الشخص مستطيعاً بنفسه ، وتارة بغيره كما هو مقرر في كتب الأحكام ، قال أبو عيسى الترمذي حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا إبراهيم بن يزيد ، قال سمعت محمد بن عباد بن جعفر يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال من الحاج يا رسول الله ؟ قال " الشعث التفل " ، فقام آخر فقال أي الحج أفضل يا رسول الله ؟ قال " العج والثج " ، فقام آخر فقال ما السبيل يا رسول الله ؟ قال " الزاد والراحلة " ، وهكذا رواه ابن ماجه من حديث إبراهيم بن يزيد ، وهو الخوزي ، قال الترمذي ولا نعرفه إلا من حديثه ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، كذا قال ههنا ، وقال في كتاب الحج هذا حديث حسن . لا يشك أن هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات سوى الخوزي هذا ، وقد تكلموا فيه من أجل هذا الحديث ، لكن قد تابعه غيره ، فقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله العامري ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، قال جلست إلى عبد الله بن عمر ، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له ما السبيل ؟ قال " الزاد والراحلة " وهكذا رواه ابن مردويه من رواية محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، به ، ثم قال ابن أبي حاتم وقد روي عن ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة ، نحو ذلك ، وقد روي هذا الحديث من طرق أخرى من حديث أنس وعبد الله بن عباس وابن مسعود وعائشة ، كلها مرفوعة ، ولكن في أسانيدها مقال كما هو مقرر في كتاب الأحكام ، والله أعلم . وقد اعتنى الحافظ أبو بكر بن مردويه بجمع طرق هذا الحديث ، ورواه الحاكم من حديث قتادة عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سئل عن قول الله عز وجل { مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } فقيل ما السبيل ؟ قال " الزاد والراحلة " ، ثم قال صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه . وقال ابن جرير حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية عن يونس ، عن الحسن ، قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } فقالوا يا رسول الله ، ما السبيل ؟ قال " الزاد والراحلة " ، ورواه وكيع في تفسيره عن سفيان ، عن يونس به . وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا الثوري ، عن إسماعيل ، وهو أبو إسرائيل الملائي ، عن فضيل ، يعني ابن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " وقال أحمد أيضاً حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي ، عن مهران بن أبي صفوان ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد الحج فليتعجل " ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي معاوية الضرير ، به . وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله { مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } قال من ملك ثلثمائة درهم ، فقد استطاع إليه سبيلاً ، وعن عكرمة مولاه أنه قال السبيل الصحة ، وروى وكيع بن الجراح عن أبي جناب ، يعني الكلبي ، عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس ، قال { مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } قال " الزاد والبعير " وقوله تعالى { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد أي ومن جحد فريضة الحج ، فقد كفر ، والله غني عنه . وقال سعيد بن منصور عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة ، قال لما نزلت { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } آل عمران 85 قالت اليهود فنحن مسلمون ، قال الله عز وجل فاخْصِمهم فحجهم ، يعني فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله فرض على المسلمين حج البيت من استطاع إليه سبيلاً " فقالوا لم يكتب علينا ، وأبوا أن يحجوا ، قال الله تعالى { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه . وقال أبو بكر بن مردويه حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، وشاذ بن فياض ، قالا حدثنا هلال أبو هاشم الخراساني ، حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن الحارث ، عن علي رضي الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ملك زاداً وراحلة ، ولم يحج بيت الله ، فلا يضره مات يهودياً أو نصرانياً ، ذلك بأن الله قال { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } " ورواه ابن جرير من حديث مسلم بن إبراهيم به ، وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة الرازي حدثنا هلال بن فياض ، حدثنا هلال أبو هاشم الخراساني ، فذكره بإسناده مثله ، ورواه الترمذي عن محمد بن يحيى القطعي عن مسلم بن إبراهيم ، عن هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي به ، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال ، وهلال مجهول ، والحارث يضعف في الحديث . وقال البخاري هلال هذا منكر الحديث . وقال ابن عدي هذا الحديث ليس بمحفوظ . وقد روى أبو بكر الإسماعيلي الحافظ من حديث أبي عمرو الأوزاعي حدثني إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، حدثني عبد الرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليه يهودياً مات أو نصرانياً ، وهذا إسناد صحيح إلى عمر رضي الله عنه . وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصري ، قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار ، فينظروا كل من كان له جدة ، فلم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين .