Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 17-19)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة ، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء ، وهو إقبال الليل بظلامه ، وعند الصباح ، وهو إسفار النهار عن ضيائه . ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح ، وهو التحميد ، فقال تعالى { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي هو المحمود على ما خلق في السموات والأرض ، ثم قال تعالى { وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } فالعشاء هو شدة الظلام ، والإظهار قوة الضياء ، فسبحان خالق هذا وهذا ، فالق الإصباح ، وجاعل الليل سكناً كما قال تعالى { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَـٰهَا } الشمس 3 ــــ 4 وقال تعالى { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } الليل 1 ــــ 2 وقال تعالى { وَٱلضُّحَىٰ وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } الضحى 1 ــــ 2 والآيات في هذا كثيرة . وقال الإمام أحمد حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبَّان بن فايد عن سهل بن معاذ بن أنس الجُهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون " وقال الطبراني حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ومن قال حين يصبح سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون ، الآية بكمالها ، أدرك ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي ، أدرك ما فاته في ليلته " إسناد جيد ، ورواه أبو داود في سننه . وقوله تعالى { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَىِّ } هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة ، وهذه الآيات المتتابعة الكريمة كلها من هذا النمط ، فإنه يذكر فيها خلقه الأشياء وأضدادها ليدل خلقه على كمال قدرته ، فمن ذلك إخراج النبات من الحب ، والحب من النبات ، والبيض من الدجاج ، والدجاج من البيض ، والإنسان من النطفة ، والنطفة من الإنسان ، والمؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن . وقوله تعالى { وَيُحْيِي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } كقوله تعالى { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } ــــ إلى قوله ــــ { وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } يس 33 ــــ 34 وقال تعالى { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } ــــ إلى قوله ــــ { يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } الحج 5 ــــ 7 وقال تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَال } ــــ إلى قوله ــــ { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الأعراف 57 ولهذا قال ههنا { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } .