Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 38-40)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى آمراً بإعطاء { ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } وهو الذي لا شيء له ينفق عليه ، أو له شيء لا يقوم بكفايته ، { وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } وهو المسافر المحتاج إلى نفقة وما يحتاج إليه في سفره ، { ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ } أي النظر إليه يوم القيامة ، وهو الغاية القصوى ، { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي في الدنيا والآخرة . ثم قال تعالى { وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ } أي من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم ، فهذا لا ثواب له عند الله ، بهذا فسره ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ومحمد بن كعب والشعبي ، وهذا الصنيع مباح ، وإن كان لا ثواب فيه ، إلا أنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، قاله الضحاك ، واستدل بقوله { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } المدثر 6 أي لا تعط العطاء تريد أكثر منه . وقال ابن عباس الربا رباءان فربا لا يصح ، يعني ربا البيع ، وربا لا بأس به ، وهو هدية الرجل يريد فضلها ، وأضعافها ، ثم تلا هذه الآية { وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ } وإنما الثواب عند الله في الزكاة ، ولهذا قال تعالى { وَمَآ ءاتَيْتُمْ مِّن زَكَوٰةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } أي الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء . كما جاء في الصحيح " وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب ، إلا أخذها الرحمن بيمينه ، فيربيها لصاحبها ، كما يربي أحدكم فلوَّه أو فصيله ، حتى تصير التمرة أعظم من أحد " . وقوله عز وجل { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ } أي هو الخالق الرزاق ، يخرج الإنسان من بطن أمه عرياناً ، لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قوة ، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك ، والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب . كما قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن سلام أبي شرحبيل عن حبة وسواء ابني خالد قالا دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلح شيئاً ، فأعناه ، فقال " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رؤوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يرزقه الله عز وجل " . وقوله تعالى { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } أي بعد هذه الحياة ، { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } أي يوم القيامة . وقوله تعالى { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ } أي الذين تعبدونهم من دون الله { مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَىْءٍ } أي لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك ، بل الله سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق والرزق والإحياء والإماتة ، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة ، ولهذا قال بعد هذا كله { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم ، وجل وعز عن أن يكون له شريك أو نظير ، أو مساو أو ولد أو والد ، بل هو الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد .