Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 41-42)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عباس وعكرمة والضحاك والسدي وغيرهم المراد بالبر ههنا الفيافي ، وبالبحر الأمصار والقرى . وفي رواية عن ابن عباس وعكرمة البحر الأمصار ، والقرى ما كان منهما على جانب نهر . وقال آخرون بل المراد بالبر هو البر المعروف ، وبالبحر هو البحر المعروف . وقال زيد بن رفيع { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ } يعني انقطاع المطر عن البر يعقبه القحط ، وعن البحر تعمى دوابه ، رواه ابن أبي حاتم ، وقال حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن سفيان عن حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } قال فساد البر قتل ابن آدم ، وفساد البحر أخذ السفينة غصباً . وقال عطاء الخراساني المراد بالبر ما فيه من المدائن والقرى ، وبالبحر جزائره . والقول الأول أظهر ، وعليه الأكثرون ، ويؤيده ما قاله محمد بن إسحاق في السيرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح ملك أيلة ، وكتب إليه ببحره ، يعني ببلده ، ومعنى قوله تعالى { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ } أي بان النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي . وقال أبو العالية من عصى الله في الأرض ، فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة ، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود " لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلهامن أن يمطروا أربعين صباحاً " والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت ، انكف الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات ، وإذا تركت المعاصي ، كان سبباً في حصول البركات من السماء والأرض . ولهذا إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، يحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت من قتل الخنزير ، وكسر الصليب ، ووضع الجزية ، وهو تركها ، فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف ، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج ، قيل للأرض أخرجي بركتك ، فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ، ويستظلون بقحفها ، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس ، وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فكلما أقيم العدل ، كثرت البركات والخير . ولهذا ثبت في " الصحيحين " أن الفاجر إذا مات ، تستريح منه العباد والبلاد ، والشجر والدواب . وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا محمد والحسين قالا حدثنا عوف عن أبي قحذم قال وجد رجل في زمان زياد أو ابن زياد ، صرة فيها حب ، يعني من بر ، أمثال النوى ، عليه مكتوب هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل ، وروى مالك عن زيد بن أسلم أن المراد بالفساد ههنا الشرك ، وفيه نظر . وقوله تعالى { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ } الآية ، أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه لهم ، ومجازاة على صنيعهم { لَعَلَّهُم يَرْجِعُونَ } أي عن المعاصي ، كما قال تعالى { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الأعراف 168 ثم قال تعالى { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } أي من قبلكم { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } أي فانظروا ما حل بهم من تكذيب الرسل وكفر النعم .