Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 12-12)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف السلف في لقمان هل كان نبياً ، أو عبداً صالحاً من غير نبوة ؟ على قولين ، الأكثرون على الثاني . وقال سفيان الثوري عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً . وقال قتادة عن عبد الله بن الزبير قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان ؟ قال كان قصيراً أفطس من النوبة . وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال كان لقمان من سودان مصر ، ذا مشافر ، أعطاه الله الحكمة ، ومنعه النبوة . وقال الأوزاعي حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله ، فقال له سعيد بن المسيب لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان بلال ، ومهجع مولى عمر بن الخطاب ، ولقمان الحكيم ، كان أسود نوبياً ذا مشافر . وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي عن أبي الأشهب عن خالد الربعي قال كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً ، فقال له مولاه اذبح لنا هذه الشاه ، فذبحها ، قال أخرج أطيب مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، ثم مكث ما شاء الله ، ثم قال اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها ، قال أخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها ، فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرجتهما ؟ فقال لقمانإنه ليس من شيء أطيب منهماإذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا . وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد كان لقمان عبداً صالحاً ، ولم يكن نبياً . وقال الأعمش قال مجاهد كان لقمان عبداً أسود عظيم الشفتين ، مشقق القدمين . وقال حكام بن سَلْم عن سعيد الزبيدي عن مجاهد كان لقمان الحكيم عبداً حبشياً ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، قاضياً على بني إسرائيل ، وذكر غيره أنه كان قاضياً على بني إسرائيل في زمان داود عليه السلام . وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم ، حدثنا عمرو بن قيس قال كان لقمان عبداً أسود ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، فأتاه رجل وهو في مجلس ناس يحدثهم ، فقال له ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال نعم ، قال فما بلغ بك ما أرى ؟ قال صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد عن جابر قال إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته ، فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك ، فقال له ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس ؟ قال بلى ، قال فما بلغ بك ما أرى ؟ قال قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وتركي ما لا يعنيني ، فهذه الآثار منها ما هو مصرح فيه بنفي كونه نبياً ، ومنها ما هو مشعر بذلك لأن كونه عبداً قد مسه الرق ينافي كونه نبياً لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها ، ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبياً ، وإنما ينقل كونه نبياً عن عكرمة إن صح السند إليه ، فإنه رواه ابن جرير ، وقال ابن أبي حاتم من حديث وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة ، قال كان لقمان نبياً ، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي ، وهو ضعيف ، والله أعلم . وقال عبد الله بن وهب أخبرني عبد الله بن عياش القتباني عن عمر مولى غفرة ، قال وقف رجل على لقمان الحكيم ، فقال أنت لقمان ، أنت عبد بني الحسحاس ؟ قال نعم ، قال أنت راعي الغنم ؟ قال نعم ، قال أنت الأسود ؟ قال أما سوادي فظاهر ، فما الذي يعجبك من أمري ؟ قال وطء الناس بساطك ، وغشيهم بابك ، ورضاهم بقولك . قال يابن أخي إن صَغيت إلى ما أقول لك ، كنت كذلك ، قال لقمان غضي بصري ، وكفي لساني ، وعفة طعمتي ، وحفظي فرجي ، وقولي بصدق ، ووفائي بعهدي ، وتكرمتي ضيفي ، وحفظي جاري ، وتركي ما لا يعنيني ، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا عمرو بن واقد ، عن عبدة بن رباح ، عن ربيعة عن أبي الدرداء أنه قال يوماً ، وذكر لقمان الحكيم ، فقال ما أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال ، ولا حسب ولا خصال ، ولكنه كان رجلاً صمصامة سكيتاً ، طويل التفكر ، عميق النظر ، لم ينم نهاراً قط ، ولم يره أحد قط يبزق ولا يتنخع ، ولا يبول ولا يتغوط ، ولا يغتسل ، ولا يعبث ، ولا يضحك ، وكان لا يعيد منطقاً نطقه ، إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد ، وكان قد تزوج وولد له أولاد ، فماتوا ، فلم يبك عليهم ، وكان يغشى السلطان ، ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر ، فبذلك أوتي ما أوتي . وقد ورد أثر غريب عن قتادة رواه ابن أبي حاتم فقال حدثنا أبي ، حدثنا العباس بن الوليد ، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي ، حدثنا سعيد عن ابن بشير قتادة قال خير الله لقمان الحكيم بين النبوة والحكمة ، فاختار الحكمة على النبوة ، قال فأتاه جبريل وهو نائم ، فذر عليه الحكمة ، أو رش عليه الحكمة ، قال فأصبح ينطق بها ، قال سعيد فسمعت عن قتادة يقول قيل للقمان كيف اخترت الحكمة على النبوة ، وقد خيرك ربك ؟ فقال إنه لو أرسل إلي بالنبوة عزمة لرجوت فيه الفوز منه ، ولكنت أرجو أن أقوم بها ، ولكنه خيرني ، فخفت أن أضعف عن النبوة ، فكانت الحكمة أحب إلي . فهذا من رواية سعيد بن بشير ، وفيه ضعف قد تكلموا فيه بسببه ، فالله أعلم ، والذي رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } أي الفقه في الإسلام ، ولم يكن نبياً ، ولم يوح إليه . وقوله { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } أي الفهم والعلم والتعبير { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } أي أمرناه أن يشكر الله عز وجل على ما آتاه الله ، ومنحه ووهبه من الفضل الذي خصصه به عمن سواه من أبناء جنسه وأهل زمانه ، ثم قال تعالى { وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } أي إنما يعود نفع ذلك وثوابه على الشاكرين لقوله تعالى { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } الروم 44 . وقوله { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي غني عن العباد ، لا يتضرر بذلك ، ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعاً فإنه الغني عما سواه ، فلا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه .