Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 31-32)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه هو الذي سخر البحر لتجري فيه الفلك بأمره ، أي بلطفه وتسخيره ، فإنه لو لا ما جعل في الماء من قوة يحمل بها السفن لما جرت ، ولهذا قال { بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ ءَايَٰتِهِ } أي من قدرته ، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي صبار في الضراء ، شكور في الرخاء ، ثم قال تعالى { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ } أي كالجبال والغمام ، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } كما قال تعالى { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } الإسراء 67 وقال تعالى { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } العنكبوت 65 الآية . ثم قال تعالى { فَلَمَّا نَجَّـٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } قال مجاهد أي كافر كأنه فسر المقتصد ههنا بالجاحد ، كما قال تعالى { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } العنكبوت 65 . وقال ابن زيد هو المتوسط في العمل ، وهذا الذي قاله ابن زيد هو المراد في قوله تعالى { فَمِنْهُمْ ظَـٰلِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ } فاطر 32 الآية ، فالمقتصد ههنا هو المتوسط في العمل ، ويحتمل أن يكون مراداً هنا أيضاً ، ويكون من باب الإنكار على من شاهد تلك الأهوال والأمور العظام والآيات الباهرات في البحر ، ثم بعد ما أنعم الله عليه بالخلاص ، كان ينبغي أن يقابل ذلك بالعمل التام ، والدؤوب في العبادة ، والمبادرة إلى الخيرات ، فمن اقتصد بعد ذلك ، كان مقصراً والحالة هذه ، والله أعلم . وقوله تعالى { وَمَا يَجْحَدُ بِـآيَـٰتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } فالختار هو الغدار ، قاله مجاهد والحسن وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وهو الذي كلما عاهد نقض عهده ، والختر أتم الغدر وأبلغه . قال عمرو بن معديكرب . @ وَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ أَبا عُمَيْرٍ مَلَأْتَ يَدَيْكَ مِنْ غَدْرٍ وَخَتْرِ @@ وقوله { كَفُورٍ } أي جحود للنعم لا يشكرها ، بل يتناساها ولا يذكرها .