Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى حال السعداء ، وهم الذين يهتدون بكتاب الله ، وينتفعون بسماعه ، كما قال تعالى { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } الزمر 23 الآية ، عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله ، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب كما قال ابن مسعود في قوله تعالى { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال هو والله الغناء . روى ابن جرير حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يزيد بن يونس عن أبي صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } فقال عبد الله بن مسعود الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات . حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا صفوان بن عيسى ، أخبرنا حميد الخراط عن عمار عن سعيد بن جبير ، عن أبي الصهباء أنه سأل ابن مسعود عن قول الله { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } قال الغناء ، وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن بذيمة . وقال الحسن البصري نزلت هذه الآية { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في الغناء والمزامير . وقال قتادة قوله { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والله لعله لا ينفق فيه مالاً ، ولكن شراؤه استحبابه ، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق ، وما يضر على ما ينفع . وقيل أراد بقوله { يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } اشتراء المغنيات من الجواري . قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع عن خلاد الصفار عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل بيع المغنيات ، ولا شراؤهن ، وأكل أثمانهن حرام ، وفيهن أنزل الله عز وجل علي { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } " وهكذا رواه الترمذي وابن جرير من حديث عبيد الله بن زحر بنحوه ، ثم قال الترمذي هذا حديث غريب ، وضعف علي بن يزيد المذكور . قلت علي وشيخه والراوي عنه كلهم ضعفاء ، والله أعلم . وقال الضحاك في قوله تعالى { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } قال يعني الشرك ، وبه قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختار ابن جرير أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله . وقوله { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي إنما يصنع هذا للتخالف للإسلام وأهله ، وعلى قراءة فتح الياء تكون اللام لام العاقبة ، أو تعليلاً للأمر القدري ، أي قيضوا لذلك ليكونوا كذلك . وقوله تعالى { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } قال مجاهد ويتخذ سبيل الله هزواً يستهزىء بها . وقال قتادة يعني ويتخذ آيات الله هزواً ، وقول مجاهد أولى . وقوله { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي كما استهانوا بآيات الله وسبيله ، أهينوا يوم القيامة في العذاب الدائم المستمر . ثم قال تعالى { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِىۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب ، إذا تليت عليه الآيات القرآنية ، ولى عنها ، وأعرض وأدبر وتصامم وما به من صمم ، كأنه ما سمعها ، لأنه يتأذى بسماعها ، إذ لا انتفاع له بها ، ولا أرب له فيها ، { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي يوم القيامة ، يؤلمه كما تألم بسماع كتاب الله وآياته .