Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 18-22)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن عدله وكرمه أنه لا يساوي في حكمه يوم القيامة من كان مؤمناً بآياته متبعاً لرسله ، بمن كان فاسقاً ، أي خارجاً عن طاعة ربه ، مكذباً لرسل الله إليه ، كما قال تعالى { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } الجاثية 21 وقال تعالى { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } ص 28 وقال تعالى { لاَ يَسْتَوِىۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } الحشر 20 الآية ، ولهذا قال تعالى ههنا { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } أي عند الله يوم القيامة ، وقد ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما أنها نزلت في علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط ، ولهذا فصل حكمهم ، فقال { أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي صدقت قلوبهم بآيات الله ، وعملوا يمقتضاها ، وهي الصالحات ، { فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية { نُزُلاً } أي ضيافة وكرامة { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي خرجوا عن الطاعة ، فمأواهم النار ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها ، أعيدوا فيها كقوله { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } الآية . قال الفضيل بن عياض والله إن الأيدي لموثقة ، وإن الأرجل لمقيدة ، وإن اللهب ليرفعهم ، والملائكة تقمعهم ، { وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً . وقوله تعالى { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } قال ابن عباس يعني بالعذاب الآدنى مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها ، وما يحل بأهلها مما يبتلي الله به عباده ليتوبوا إليه . وروي مثله عن أبي بن كعب وأبي العالية والحسن وإبراهيم النخعي والضحاك وعلقمة وعطية ومجاهد وقتادة وعبد الكريم الجزري وخصيف . وقال ابن عباس في رواية عنه يعني به إقامة الحدود عليهم . وقال البراء بن عازب ومجاهد وأبو عبيدة يعني به عذاب القبر . وقال النسائي أخبرنا عمرو بن علي ، أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، وأبي عبيدة عن عبد الله { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } قال سنون أصابتهم . وقال عبد الله ابن الإمام أحمد حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن عروة عن الحسن العوفي عن يحيى الجزار ، عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب في هذه الآية { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } قال القمر والدخان قد مضيا ، والبطشة واللزام ، ورواه مسلم من حديث شعبة به موقوفاً نحوه . وعند البخاري عن ابن مسعود نحوه . وقال عبد الله بن مسعود أيضاً في رواية عنه العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والسبي يوم بدر ، وكذا قال مالك عن زيد بن أسلم . قال السدي وغيره لم يبق بيت بمكة إلا دخله الحزن على قتيل لهم أو أسير ، فأصيبوا أو غرموا ، ومنهم من جمع له الأمران . وقوله تعالى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـآيَـٰتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ } أي لا أظلم ممن ذكره الله بآياته ، وبينها له ووضحها ، ثم بعد ذلك تركها وجحدها ، وأعرض عنها ، وتناساها كأنه لا يعرفها . قال قتادة . إياكم والإعراض عن ذكر الله ، فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرة ، وأعوز أشد العوز ، وعظم من أعظم الذنوب ، ولهذا قال تعالى متهدداً لمن فعل ذلك { إِنَّا مِنَٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } أي سأنتقم ممن فعل ذلك أشد الانتقام . وروى ابن جرير حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله عن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله يقول " » ثلاث من فعلهن فقد أجرم من عقد لواء في غير حق ، أو عق والديه ، أو مشى مع ظالم ينصره ، فقد أجرم ، يقول الله تعالى { إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } " ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش به ، وهذا حديث غريب جداً .