Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 23-25)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه آتاه الكتاب ، وهو التوراة ، وقوله تعالى { فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } قال قتادة يعني به ليلة الإسراء ، ثم روي عن أبي العالية الرياحي قال حدثني ابن عم نبيكم ، يعني ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً آدم طوالاً جعداً ، كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى رجلاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض ، سبط الرأس ، ورأيت مالكاً خازن النار والدجال " في آيات أراهن الله إياه ، { فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } أنه قد رأى موسى ، ولقي موسى ليلة أسري به . وقال الطبراني حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَٰءِيلَ } قال جعل موسى هدى لبني إسرائيل ، وفي قوله { فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } قال من لقاء موسى ربه عز وجل . وقوله تعالى { وَجَعَلْنَاهُ } أي الكتاب الذي آتيناه { هُدًى لِّبَنِى إِسْرَٰءِيلَ } كما قال تعالى في سورة الإسراء { وَءَاتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَٰءِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } الإسراء 2 . وقوله { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـآيَـٰتِنَا يُوقِنُونَ } أي لما كانوا صابرين على أوامر الله ، وترك زواجره ، وتصديق رسله ، واتباعهم فيما جاؤوهم به ، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله ، ويدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا ، سلبوا ذلك المقام ، وصارت قلوبهم قاسية ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، فلا عملاً صالحاً ، ولا اعتقاداً صحيحاً ، ولهذا قال تعالى { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ ٱلْكِتَـٰبَ } قال قتادة وسفيان لما صبروا عن الدنيا . وكذلك قال الحسن بن صالح . قال سفيان هكذا كان هؤلاء ، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماماً يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا . قال وكيع قال سفيان لا بد للدين من العلم ، كما لا بد للجسد من الخبز . وقال ابن بنت الشافعي قرأ أبي على عمي ، أو عمي على أبي سئل سفيان عن قول علي رضي الله عنه الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ألم تسمع قوله { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـآيَـٰتِنَا يُوقِنُونَ } قال لما أخذوا برأس الأمر ، صاروا رؤساء . قال بعض العلماء بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، ولهذا قال تعالى { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ وَءاتَيْنَـٰهُم بَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ } الجاثية 16 ــــ 17 الآية ، كما قال هنا { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَـٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي من الاعتقادات والأعمال .