Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 4-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه خالق للأشياء ، فخلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، وقد تقدم الكلام على ذلك { مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ } أي بل هو المالك لأزمة الأمور ، الخالق لكل شيء ، المدبر لكل شيء ، القادر على كل شيء ، فلا ولي لخلقه سواه ، ولا شفيع إلا من بعد إذنه ، { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } يعني أيها العابدون غيره ، المتوكلون على من عداه ، تعالى وتقدس وتنزه أن يكون له نظير أو شريك ، أو وزير أو نديد أو عديل ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه . وقد أورد النسائي ههنا حديثاً فقال حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، حدثني محمد بن الصباح ، حدثنا أبو عبيدة الحداد ، حدثنا الأخضر بن عجلان عن أبي جريج المكي عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال " إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش في اليوم السابع ، فخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر ، وخلقه من أديم الأرض أحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها ، من أجل ذلك جعل الله من بني آدم الطيب والخبيث " هكذا أورد هذا الحديث إسناداً ومتناً ، وقد أخرج مسلم والنسائي أيضاً من حديث حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا السياق ، وقد علله البخاري في كتاب التاريخ الكبير فقال وقال بعضهم أبو هريرة عن كعب الأحبار ، وهو أصح ، وكذا علله غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم . وقوله تعالى { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } أي يتنزل أمره من أعلى السماوات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة ، كما قال تعالى { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ } الطلاق 12 الآية ، وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا ، ومسافة ما بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وسمك السماء خمسمائة سنة . وقال مجاهد وقتادة والضحاك النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام ، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ، ولكنه يقطعها في طرفة عين ، ولهذا قال تعالى { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ذَٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } أي المدبر لهذه الأمور ، الذي هو شهيد على أعمال عباده ، يرفع إليه جليلها وحقيرها ، وصغيرها وكبيرها ، هو العزيز الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه ، ودانت له العباد والرقاب ، الرحيم بعباده المؤمنين ، فهو عزيز في رحمته ، رحيم في عزته وهذا هو الكمال ، العزة مع الرحمة ، والرحمة مع العزة ، فهو رحيم بلا ذلّ .