Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابع لهن ، مما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد ، لما أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد ، فإحداهن في سورة يونس عليه السلام ، وهي قوله تعالى { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبِّىۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } يونس 53 والثانية هذه { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ } ، والثالثة في سورة التغابن ، وهي قوله تعالى { زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } التغابن 7 فقال تعالى { قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ } ثم وصفه بما يؤكد ذلك ويقرره ، فقال { عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } قال مجاهد وقتادة لا يعزب عنه لا يغيب عنه ، أي الجميع مندرج تحت علمه ، فلا يخفى عليه شيء ، فالعظام ، وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت ، فهو عالم أين ذهبت ، وأين تفرقت ، ثم يعيدها كما بدأها أول مرة ، فإنه بكل شيء عليم . ثم بين حكمته في إعادة الأبدان وقيام الساعة ، بقوله تعالى { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } أي سعوا في الصد عن سبيل الله تعالى وتكذيب رسله ، { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } أي لينعم السعداء من المؤمنين ، ويعذب الأشقياء من الكافرين ، كما قال عز وجل { لاَ يَسْتَوِىۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } الحشر 20 وقال تعالى { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } ص 28 . وقوله تعالى { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ } هذه حكمة أخرى معطوفة على التي قبلها ، وهي أن المؤمنين بما أنزل على الرسل ، إذا شاهدوا قيام الساعة ، ومجازاة الأبرار والفجار بالذي كانوا قد علموه من كتب الله تعالى في الدنيا ، رأوه حينئذ عين اليقين ، ويقولون يؤمئذ أيضاً { لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } الأعراف 43 يقال أيضاً { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } يس 52 { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ } الروم 56 { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } العزيز هو المنيع الجناب ، الذي لا يغالب ولا يمانع ، بل قد قهر كل شيء وغلبه ، الحميد ، في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، وهو المحمود في ذلك كله جل وعلا .