Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 7-9)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا إخبار من الله عز وجل عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام الساعة ، واستهزائهم بالرسول صلى الله عليه وسلم في إخباره بذلك { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } أي تفرقت أجسادكم في الأرض ، وذهبت فيها كل مذهب ، وتمزقت كل ممزق { إِنَّكُمْ } أي بعد هذا الحال { لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي تعودون أحياء ترزقون بعد ذلك ، وهو في هذا الإخبار لا يخلو أمره من قسمين إما أن يكون قد تعمد الافتراء على الله تعالى أنه قد أوحي إليه ذلك ، أو أنه لم يتعمد ، لكن لبس عليه كما يلبس على المعتوه والمجنون ، ولهذا قالوا { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } قال الله عز وجل راداً عليهم { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ فِى ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلْبَعِيدِ } أي ليس الأمر كما زعموا ، ولا كما ذهبوا إليه ، بل محمد صلى الله عليه وسلم هو الصادق البار الراشد ، الذي جاء بالحق ، وهم الكذبة الجهلة الأغبياء { فِى ٱلْعَذَابِ } أي الكفر المفضي بهم إلى عذاب الله تعالى ، { وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلْبَعِيدِ } من الحق في الدنيا ، ثم قال تعالى منبهاً لهم على قدرته في خلق السموات والأرض ، فقال تعالى { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي حيثما توجهوا وذهبوا ، فالسماء مظللة عليهم ، والأرض تحتهم ، كما قال عز وجل { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } الذاريات 47 ــــ 48 . قال عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } قال إنك إن نظرت عن يمينك ، أو عن شمالك ، أو من بين يديك ، أو من خلفك ، رأيت السماء والأرض . وقوله تعالى { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أي لو شئنا ، لفعلنا بهم ذلك بظلمهم وقدرتنا عليهم ، ولكن نؤخر ذلك لحلمنا وعفونا ، ثم قال { إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } قال معمر عن قتادة { مُّنِيبٍ } تائب . وقال سفيان عن قتادة المنيب المقبل إلى الله تعالى ، أي إن في النظر إلى خلق السماوات والأرض لدلالة لكل عبد فطن لبيب ، رجاع إلى الله ، على قدرة الله تعالى على بعث الأجساد ووقوع المعاد لأن من قدر على خلق هذه السموات في ارتفاعها واتساعها ، وهذه الأرضين في انخفاضها ، وأطوالها وأعراضها ، إنه لقادر على إعادة الأجسام ، ونشر الرميم من العظام كما قال تعالى { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ } يس 81 وقال تعالى { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } غافر 57 .