Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 47-50)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين { مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } أي لا أريد منكم جعلاً ولا عطاء على أداء رسالة الله عز وجل إليكم ونصحي إياكم وأمركم بعبادة الله ، { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } أي إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله ، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٍ } أي عالم بجميع الأمور بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم ، وما أنتم عليه . وقوله عز وجل { قُلْ إِنَّ رَبِّى يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } كقوله تعالى { يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } غافر 15 أي يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض ، وهو علام الغيوب ، فلا تخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض . وقوله تبارك وتعالى { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } أي جاء الحق من الله والشرع العظيم ، وذهب الباطل وزهق واضمحل كقوله تعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } الأنبياء 18 ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة ، جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ، ويقرأ { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } الإسراء 81 { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الآية ، كلهم من حديث الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود رضي الله عنه به ، أي لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة . وزعم قتاده والسدي أن المراد بالباطل ههنا إبليس ، أي إنه لا يخلق أحداً ، ولا يعيده ، ولا يقدر على ذلك ، وهذا وإن كان حقاً ، ولكن ليس هو المراد ههنا ، والله أعلم . وقوله تبارك وتعالى { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } أي الخير كله من عند الله ، وفيما أنزل الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد ، ومن ضل ، فإنما يضل من تلقاء نفسه ، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة أقول فيها برأيي ، فإن يكن صواباً ، فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه . وقوله تعالى { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } أي سميع لأقوال عباده ، قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، وقد روى النسائي هنا حديث أبي موسى في " الصحيحين " " إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، إنما تدعون سميعاً قريباً مجيباً " .