Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 135-135)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يميناً ولا شمالاً ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه ، وقوله { شُهَدَآءِ للَّهِ } كما قال { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ } الطلاق 2 أي ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله ، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقاً خالية من التحريف والتبديل والكتمان ، ولهذا قال { وَلَوْ عَلَىۤ أَنفُسِكُمْ } أي اشهد الحق ، ولو عاد ضررها عليك ، وإذا سئلت عن الأمر ، فقل الحق فيه ، ولو عادت مضرته عليك ، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجاً ومخرجاً من كل أمر يضيق عليه . وقوله { أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } أي وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك ، فلا تراعهم فيها ، بل اشهد بالحق ، وإن عاد ضررها عليهم ، فإن الحق حاكم على كل أحد . وقوله { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي لا ترعاه لغناه ، ولا تشفق عليه لفقره ، الله يتولاهما ، بل هو أولى بهما منك ، وأعلم بما فيه صلاحهما . وقوله { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ } أي فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم على ترك العدل في أموركم وشؤونكم ، بل الزموا العدل على أي حال كان ، كما قال تعالى { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُوا اللهَ } المائدة 8 ، ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم ، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم ، فقال والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ، ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي إياه ، وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم ، فقالوا بهذا قامت السموات والأرض ، وسيأتي الحديث مسنداً في سورة المائدة إن شاء الله تعالى . وقوله { وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ } قال مجاهد وغير واحد من السلف تلووا ، أي تحرفوا الشهادة وتغيروها ، واللّيُّ هو التحريف ، وتعمد الكذب ، قال تعالى { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَـٰبِ } آل عمران 78 الآية ، والإعراض هو كتمان الشهادة وتركها ، قال تعالى { وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ } البقرة 283 وقال النبي صلى الله عليه وسلم " خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها " ولهذا توعدهم الله بقوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي وسيجازيكم بذلك .