Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 141-141)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن المنافقين أنهم يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء ، بمعنى ينتظرون زوال دولتهم ، وظهور الكفر عليهم ، وذهاب ملتهم ، { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ } أي نصر وتأييد ، وظفر وغنيمة { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } أي يتوددون إلى المؤمنين بهذه المقالة ، { وَإِن كَانَ لِلْكَـٰفِرِينَ نَصِيبٌ } أي إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان كما وقع يوم أحد ، فإن الرسل تبتلى ، ثم يكون لها العاقبة ، { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي ساعدناكم في الباطن ، وما ألوناهم خبالاً وتخذيلاً حتى انتصرتم عليهم ، وقال السدي نستحوذ عليكم نغلب عليكم ، كقوله { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } المجادلة 19 وهذا أيضاً تودد منهم إليهم ، فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ليحظوا عندهم ، ويأمنوا كيدهم ، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم ، وقلة إيقانهم ، قال تعالى { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي بما يعلمه منكم أيها المنافقون من البواطن الرديئة ، فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهراً في الحياة الدنيا لما له في ذلك من الحكمة ، فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم ، بل هو يوم تبلى فيه السرائر ، ويحصل ما في الصدور . وقوله { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَـٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } قال عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن الأعمش ، عن ذر ، عن سبيع الكندي ، قال جاء رجل إلى علي بن أبي طالب ، فقال كيف هذه الآية { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَـٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } فقال علي رضي الله عنه ادنه ادنه ، فالله يحكم بينكم يوم القيامة ، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ، وكذا روى ابن جريج عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ، قال ذاك يوم القيامة ، وكذا روى السدي عن أبي مالك الأشجعي ، يعني يوم القيامة . وقال السدي سبيلاً أي حجة ، ويحتمل أن يكون المعنى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ، أي في الدنيا بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية ، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس ، فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } غافر 51 الآية ، وعلى هذا يكون رداً على المنافقين فيما أملوه ورجوه ، وانتظروه من زوال دولة المؤمنين ، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين خوفاً على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم ، كما قال تعالى { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَـٰرِعُونَ فِيهِمْ } إلى قوله { نَـٰدِمِينَ } المائدة 52 وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية الكريمة على أصح قولي العلماء ، وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافر لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال ، ومن قال منهم بالصحة ، يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال لقوله تعالى { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَـٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } .