Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 137-140)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان ، ثم رجع عنه ، ثم عاد فيه ، ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات ، فإنه لا توبة بعد موته ، ولا يغفر الله له ، ولا يجعل له مما هو فيه فرجاً ولا مخرجاً ، ولا طريقاً إلى الهدى ، ولهذا قال { لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا حفص بن جميع عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا } قال تمادَوا على كفرهم حتى ماتوا ، وكذا قال مجاهد . وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي ، عن علي رضي الله عنه ، أنه قال يستتاب المرتد ثلاثاً ، ثم تلا هذه الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } . ثم قال { بَشِّرِ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } يعني أن المنافقين من هذه الصفة ، فإنهم آمنوا ثم كفروا ، فطبع على قلوبهم ، ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، بمعنى أنهم معهم في الحقيقة ، يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة ، ويقولون لهم إذا خلوا بهم إنما نحن معكم ، إنما نحن مستهزئون ، أي بالمؤمنين في إظهارنا لهم الموافقة ، قال الله تعالى منكراً عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ } ، ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها له وحده لا شريك له ، ولمن جعلها له كما قال تعالى في الآية الأخرى { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } فاطر 10 . وقال تعالى { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } المنافقون 8 ، والمقصود من هذا التهييجُ على طلب العزة من جناب الله ، والإقبال على عبوديته ، والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدينا ، ويوم يقوم الأشهاد . ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن عياش عن حميد الكندي ، عن عبادة بن نسيء ، عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من انتسب إلى تسعة آباء كفار ، يريد بهم عزاً وفخراً ، فهو عاشرهم في النار " تفرد به أحمد ، وأبو ريحانة هذا هو أزدي ، ويقال أنصاري ، واسمه شمعون ، بالمعجمة ، فيما قاله البخاري ، وقال غيره بالمهملة ، والله أعلم . وقوله { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } ، أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ، ويستهزأ وينتقص بها ، وأقررتموهم على ذلك ، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه ، فلهذا قال تعالى { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } في المأثم ، كما جاء في الحديث " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " والذي أحيل عليه في هذه الآية من النهي في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } الآية ، قال مقاتل بن حيان نسخت هذه الآية التي في سورة الأنعام ، يعني نسخ قوله { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } لقوله { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَىْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الأنعام 69 . وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْكَـٰفِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعاً } أي كما أشركوهم في الكفر ، كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ، ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال ، والقيود والأغلال ، وشراب الحميم والغسلين لا الزلال .