Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 144-147)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، يعني مصاحبتهم ومصادقتهم ، ومناصحتهم ، وإسرار المودة إليهم ، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم ، كما قال تعالى { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَىْءٍ إِلاَ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرْكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } آل عمران 28 أي يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه ، ولهذا قال ههنا { أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } أي حجة عليكم في عقوبته إياكم . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قوله { سُلْطَـٰناً مُّبِيناً } قال كل سلطان في القرآن حجة ، وهذا إسناد صحيح ، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والسدي والنضر بن عربي . ثم أخبرنا تعالى { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } أي يوم القيامة جزاء على كفرهم الغليظ . قال الوالبي عن ابن عباس { فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } أي في أسفل النار ، وقال غيره النار دركات ، كما أن الجنة درجات ، وقال سفيان الثوري عن عاصم ، عن ذكوان أبي صالح ، عن أبي هريرة { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } قال في توابيت ترتج عليهم ، كذا رواه ابن جرير عن ابن وكيع ، عن يحيى بن يمان ، عن سفيان الثوري به . ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان ، عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } قال الدرك الأسفل بيوت لها أبواب تطبق عليهم ، فتوقد من تحتهم ومن فوقهم . قال ابن جرير حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله ، يعني ابن مسعود { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } قال في توابيت من نار تطبق عليهم ، أي مغلقة مقفلة ، ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة ، عن خيثمة ، عن ابن مسعود { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } قال في توابيت من حديد مبهمة عليهم ، ومعنى قوله مبهمة ، أي مغلقة مقفلة ، لا يهتدى لمكان فتحها . وروى ابن أبي حاتم ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد ابن سلمة ، أخبرنا علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود سئل عن المنافقين ، فقال يجعلون في توابيت من نار تطبق عليهم في أسفل درك من النار { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } أي ينقذهم مما هم فيه ، ويخرجهم من أليم العذاب ، ثم أخبر تعالى أن من تاب منهم في الدنيا ، تاب عليه ، وقبل ندمه ، إذا أخلص في توبته ، وأصلح عمله ، واعتصم بربه في جميع أمره ، فقال تعالى { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَٱعْتَصَمُواْ بِٱللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } أي بدلوا الرياء بالإخلاص ، فينفعهم العمل الصالح ، وإن قل . قال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن عمران عن عمرو بن مرة ، عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال " أخلص دينك ، يكفك القليل من العمل " { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي في زمرتهم يوم القيامة { وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } . ثم قال تعالى مخبراًعن غناه عما سواه ، وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم ، فقال تعالى { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنْتُمْ } أي أصلحتم العمل ، وآمنتم بالله ورسوله { وَكَانَ ٱللَّهُ شَـٰكِراً عَلِيماً } أي من شكر ، شكر له ، ومن آمن قلبه به ، علمه وجازاه على ذلك أوفر الجزاء .