Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 148-149)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس في الآية يقول لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله { إِلاَّ مَن ظُلِمَ } وإن صبر فهو خير له . وقال أبو داود حدثنا عبد الله بن معاذ حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت سرق لها شيء ، فجعلت تدعو عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبخي عنه " وقال الحسن البصري لا يدع عليه ، وليقل اللهم أعني عليه ، واستخرج حقي منه ، وفي رواية عنه قال قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه . وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية هو الرجل يشتمك فتشتمه ، ولكن إن افترى عليك ، فلا تفتر عليه لقوله { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } الشورى 41 . وقال أبو داود حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال " المستبَّان ، ما قالا ، فعلى البادىء منهما ، ما لم يعتد المظلوم " وقال عبد الرزاق أنبأنا المثنى بن الصباح عن مجاهد في قوله { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } قال ضاف رجل رجلاً ، فلم يؤد إليه حق ضيافته ، فلما خرج ، أخبر الناس فقال ضفت فلاناً ، فلم يؤد إلي حق ضيافتي ، قال فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتى يؤدي الآخر إليه حق ضيافته . وقال ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } قال هو الرجل ينزل بالرجل ، فلا يحسن ضيافته ، فيخرج فيقول أساء ضيافتي ، ولم يحسن ، وفي رواية هو الضيف المحول رحله فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول ، وكذا روي عن غير واحد عن مجاهد نحو هذا ، وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي من طريق الليث بن سعد ، والترمذي من حديث ابن لهيعة ، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله ، عن عقبة بن عامر ، قال قلنا يا رسول الله ، إنك تبعثنا ، فننزل بقوم فلا يقرونا ، فما ترى في ذلك ؟ فقال " إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف ، فاقبلوا منهم ، وإن لم يفعلوا ، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " . وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت أبا الجودي يحدث عن سعيد بن مهاجر ، عن المقدام أبي كريمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أيما مسلم ضاف قوماً ، فأصبح الضيف محروماً ، فإن حقاً على كل مسلم نصره ، حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله " تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وقال أحمد أيضاً حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ، عن منصور ، عن الشعبي ، عن المقدام أبي كريمة ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليلة الضيف واجبة على كل مسلم ، فإن أصبح بفنائه محروماً ، كان ديناً له عليه ، فإن شاء اقتضاه ، وإن شاء تركه " ثم رواه أيضاً عن غندر عن شعبة . وعن زيادة بن عبد الله البكائي عن وكيع وأبي نعيم ، عن سفيان الثوري ، ثلاثتهم عن منصور ، به ، وكذا رواه أبو داود من حديث أبي عوانة عن منصور ، به . ومن هذه الأحاديث وأمثالها ، ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة ، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار حدثنا عمرو بن علي حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا محمد بن عجلان عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جاراً يؤذيني ، فقال له " أخرج متاعك فضعه على الطريق " ، فأخذ الرجل متاعه ، فطرحه على الطريق ، فكل من مر به قال مالك ؟ قال جاري يؤذيني ، فيقول اللهم العنه ، اللهم أخزه ، قال فقال الرجل ارجع إلى منزلك ، والله لا أوذيك أبداً ، وقد رواه أبو داود في كتاب الأدب عن أبي توبة الربيع بن نافع ، عن سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر ، عن محمد بن عجلان ، به ، ثم قال البزار لا نعلمه يروي عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوسف بن عبد الله بن سلام ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله { إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } أي إن تظهروا أيها الناس خيراً ، أو أخفيتموه ، أو عفوتم عمن أساء إليكم ، فإن ذلك مما يقربكم عند الله ، ويجزل ثوابكم لديه ، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم ، ولهذا قال { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } ، ولهذا ورد في الأثر أن حملة العرش يسبحون الله ، فيقول بعضهم سبحانك على حلمك بعد علمك ويقول بعضهم سبحانك على عفوك بعد قدرتك وفي الحديث الصحيح " ما نقص مال من صدقة ، ولا زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، ومن تواضع لله رفعه " .