Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 15-16)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة ، حبست في بيت ، فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت ، ولهذا قال { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } يعني الزنا { مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك ، قال ابن عباس رضي الله عنه كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور ، فنسخها بالجلد أو الرجم ، وكذا رُوي عن عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطاء الخراساني ، وأبي صالح ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والضحاك ، أنها منسوخة ، وهو أمر متفق عليه . قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا سعيد عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت ، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي ، أثر عليه ، وكرب لذلك ، وتَرَبَّد وجهه ، فأنزل الله عز وجل عليه ذات يوم ، فلما سري عنه ، قال " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة " ، وقد رواه مسلم وأصحاب السنن من طرق عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان ، عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح . وهكذا رواه أبو داود الطيالسي عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي ، عرف ذلك في وجهه ، فلما أنزلت { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } فلما ارتفع الوحي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خذوا ، خذوا ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة " وقد روى الإمام أحمد أيضاً هذا الحديث عن وكيع بن الجراح حدثنا الفضل بن دلهم عن الحسن ، عن قبيصة بن حُرَيث ، عن سلمة بن المحبق ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " وكذا رواه أبو داود مطولاً من حديث الفضل بن دلهم ، ثم قال وليس هو بالحافظ ، كان قصاباً بواسط . حديث آخر قال أبو بكر بن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عباس بن حمدان ، حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا عمرو بن عبد الغفار ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ، عن مسروق ، عن أبي كعب ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البكران يجلدان وينفيان ، والثيبان يجلدان ويرجمان ، والشيخان يرجمان " هذا حديث غريب من هذا الوجه . وروى الطبراني من طريق ابن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال لما نزلت سورة النساء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حبس بعد سورة النساء " وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى القول بمقتضى هذا الحديث ، وهو الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني ، وذهب الجمهور إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد ، قالوا لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً والغامدية واليهوديين ، ولم يجلدهم قبل ذلك ، فدل على أن الرجم ليس بحتم ، بل هو منسوخ على قولهم ، والله أعلم . وقوله تعالى { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـآذُوهُمَا } أي واللذان يأتيان الفاحشة فآذوهما ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وغيرهما أي بالشتم والتعيير والضرب بالنعال ، وكان الحكم كذلك ، حتى نسخه الله بالجلد أو الرجم ، وقال عكرمة وعطاء والحسن وعبد الله بن كثير نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا . وقال السدي نزلت في الفتيان من قبل أن يتزوجوا . وقال مجاهد نزلت في الرجلين إذا فعلا لا يكني ، وكأنه يريد اللواط والله أعلم ، وقد روى أهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به " وقوله { فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا } أي أقلعا ونزعا عما كانا عليه ، وصلحت أعمالهما وحسنت ، { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } أي لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } . وقد ثبت في الصحيحين " إذا زنت أمة أحدكم ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها " أي ثم لا يعيرها بما صنعت بعد الحد الذي هو كفارة لما صنعت .