Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 25-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين ، وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته ، وهو الحكيم في أفعاله بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن ، { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } أي حسنوا لهم أعمالهم في الماضي ، وبالنسبة إلى المستقبل ، فلم يروا أنفسهم إلا محسنين كما قال تعالى { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } الزخرف 36 ــــ 37 . وقوله تعالى { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي كلمة العذاب كما حق على أمم قد خلت من قبلهم ممن فعل كفعلهم من الجن والإنس ، { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } أي استووا هم وإياهم في الخسار والدمار . وقوله تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءَانِ } أي تواصوا فيما بينهم أن لا يطيعوا للقرآن ، ولا ينقادوا لأوامره ، { وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } أي إذا تلي لا تسمعوا له كما قال مجاهد والغوا فيه ، يعني بالمكاء والصفير ، والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن ، قريش تفعله ، وقال الضحاك عن ابن عباس { وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } عيبوه ، وقال قتادة اجحدوا به ، وأنكروه وعادوه { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن . وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بخلاف ذلك ، فقال تعالى { وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْءَانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الأعراف 204 ثم قال عز وجل منتصراً للقرآن ، ومنتقماً ممن عاداه من أهل الكفران { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } أي في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعهم { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي بشر أعمالهم وسيىء أفعالهم { ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِـآيـٰتِنَا يَجْحَدُونَ وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن مالك بن الحصين الفزاري عن أبيه عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى { ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا } قال إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه . وهكذا روى العوفي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك . وقال السدي عن علي رضي الله عنه فإبليس يدعو به كل صاحب شرك ، وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة ، فإبليس الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه ، وابن آدم الأول كما ثبت في الحديث " ما قتلت نفس ظلماً ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " وقولهم { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } أي أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذاباً منا ، ولهذا قالوا { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } أي في الدرك الأسفل من النار كما تقدم في الأعراف في سؤال الأتباع من الله تعالى أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } الأعراف 38 أي إنه تعالى قد أعطى كلاً منهم ما يستحقه من العذاب والنكال ، بحسب عمله وإفساده كما قال تعالى { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } النحل 88 .