Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 6-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المكذبين المشركين { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } لا كما تعبدونه من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرقين ، إنما الله إله واحد ، { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } أي أخلصوا له العبادة على منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل ، { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } أي لسالف الذنوب { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } أي دمار لهم وهلاك عليهم ، { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله ، وكذا قال عكرمة ، وهذا كقوله تبارك وتعالى { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا } الشمس 9 ــــ 10 وكقوله جلت عظمته { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } الأعلى 14 ــــ 15 وقوله عز وجل { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } النازعات 18 والمراد بالزكاة ههنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ، ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك ، وزكاة المال إنما سميت زكاة لأنها تطهره من الحرام ، وتكون سبباً لزيادته وبركته وكثرة نفعه ، وتوفيقاً إلى استعماله في الطاعات ، وقال السدي { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } أي لا يؤدون الزكاة ، وقال معاوية بن قرة ليس هم من أهل الزكاة . وقال قتادة يمنعون زكاة أموالهم . وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين ، واختاره ابن جرير ، وفيه نظر لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة ، على ما ذكره غير واحد ، وهذه الآية مكية ، اللهم إلا أن يقال لا يبعد أن يكون أصل الصدقة والزكاة ، وكان مأموراً به في ابتداء البعثة ، كقوله تبارك وتعالى { وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } الأنعام 141 فأما الزكاة ذات النصب والمقادير ، فإنما بين أمرها بالمدينة ، ويكون هذا جمعاً بين القولين كما أن أصل الصلاة كان واجباً قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة ، فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ، فرض الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ، وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئاً فشيئاً ، والله أعلم . ثم قال جل جلاله بعد ذلك { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال مجاهد وغيره غير مقطوع ولا مجبوب كقوله تعالى { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } الكهف 3 وكقوله عز وجل { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } هود 108 وقال السدي غير ممنون عليهم ، وقد رد عليه هذا التفسير بعض الأئمة فإن المنة لله تبارك وتعالى على أهل الجنة ، قال الله تبارك وتعالى { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَـٰنِ } الحجرات 17 وقال أهل الجنة { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إلا إن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .